مقالات

سوريا مابعد المصالحة الخليجية




سوريا مابعد المصالحة الخليجية

صرح نائب وزير الخارجية الكويتي إن الأزمة الخليجية طويت وتم التوصل لاتفاق نهائي، كما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي رسائل لصحفيين أتراك عن انفراج قادم في العلاقات التركية السعودية، وهو ما يشير إلى إعادة ترتيب لتوازن القوى في المشهد الإقليمي، وحتى يمكن فهم تداعيات هذا الترتيب المحتمل، لابد من العودة بالذاكرة إلى الوراء، فالدول الخليجية وخاصة السعودية وقطر كان لهم دور بارز في دعم قوى الثورة السياسية والعسكرية، وهو ما ساهم في بداية الثورة في تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، ولكن خلافاتهما وافتراقهما في طريقة مقاربة القضية السورية ساهم في تشتيت قوى الثورة، بل يمكن القول إنه في بعض الحالات أدى إلى نتائج لا تخدم الثورة، ومع التدخل الروسي لوحظ بشكل واضح الانعطافة التي قادتها الإمارات وحاولت إقناع السعودية بتبنيها، والتي تقوم على فكرة أن الروس هم اليوم أصحاب الكلمة العليا في سورية، وأن النظام سيحسم الصراع في النهاية، فلا بد من بناء تفاهم مع الروس والنظام. هذه المقاربة وإن كانت أكثر وضوحا من قبل الإمارات إلا أن السعودية كانت أكثر تحفظا، فالهاجس الإيراني ظل دائما يحوم في المخيال السعودي، فالسعودية تدرك أن بقاء النظام هو انتصار لإيران واستمرار في تمددها. رغم ذلك، فالموقف السعودي لم يعد كما كان في المراحل الأولى للثورة، ويمكن القول إن الموقف السعودي انعطف أيضا. ولكن، بطريقة أقل حدة من الانعطافة الإماراتية، وبدوافع مختلفة، ولعل زيادة الدور التركي من خلال العمليات العسكرية في سورية، وبناء ما سمي مسار الأستانة بالتفاهم مع كل من إيران وروسيا دفع بالسعودية لتبني فكرة موازنة الدور الإيراني والتركي وحلفائهما في سورية بدعم قوات سورية الديموقراطية.

فما الجديد الذي دفع بالمصالحة الخليجية إلى الواجهة؟

ولماذا يمكن توقع انفتاح سعودي تجاه تركيا؟

وهل زالت عوامل القطيعة السابقة؟

يمكن القول ان العامل المفسر لكل ذلك موجود في البيت الأبيض حيث تواردت أنباء عن نية الإدارة الأمريكية الجديدة العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، مما قد يعني إعادة تعويم للنظام الإيراني بعد مرحلة الضغط القاسي الذي تبناها ترامب بحق إيران، هذه العودة لابد وأن تشكل عامل ضغط جماعي على البيت الخليجي وتستوجب معالجة المشاكل البينية لمجابهة أي استحقاق مستقبلي، كما أن السعودية باتت تدرك بأن الدور الإقليمي التركي بات حقيقة لابد من التعامل معها، وخاصة بعد النجاحات التركية في سورية وليبيا. وأخيرا في أذربيجان وهو النموذج الذي يمكن أن تسعى السعودية للاستفادة منه في أي تفاهم تركي سعودي لدعم السعودية في حربها ضد الحوثيين، رغم أن هناك العديد من التحديات للوصول لهذا التفاهم والسعودية تدرك بأن بناء أي تفاهم مع تركيا يستوجب أيضا وجود مقاربة تجاه القضية السورية، وفي صلب هذه المقاربة سيكون الموقف من قسد، وطبعا هذا التفاهم المحتمل بين تركيا والسعودية لن يشكل عنصرا حاسما مقابل الدور الروسي والإيراني، ولكنه سيعني بالضرورة إعادة الاعتبار للعنصر العربي السني بشكل واضح في الفترة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى