مقالات

روسيا: الدب المحشور، وأمن العالم بخطر

بدأ تصعيد الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه روسيا منذ كان مرشحا للرئاسة يطلق حملته الانتخابية، واستمر بذلك بعد توليه الرئاسة بشكل رسمي، ووصلت الأمور به إلى أن وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقاتل. جاءت الردود الروسية بشكل سريع وعلى كافة المستويات، لكن ما جاء عن الخارجية الروسية على إثر هذا التصعيد الأمريكي يبدو أن ملامحه بدأت تظهر للعيان؛ فقد ورد عن الخارجية الروسية: إن واشنطن ليست مستعدة بعد لإدراك عواقب معاداة روسيا على استقرار العالم.

بعد أيام من هذا التصريح؛ موسكو تضاعف قواتها على حدودها مع أوكرنيا مفتعلة أزمة دولية تهدد أمن القارة الأوربية والعالم. لكن الملفت أن روسيا في اليوم الذي وصلت فيه الأمور على الحدود الروسية الأوكرانية إلى مرحلة دعت الكرملين إلى القول: إن التصعيد جنوب شرقي أوكرانيا غير مسبوق ويدعو إلى القلق، تعلن أن الأمن الفيدرالي الروسي أحبط عملية إرهابية في القرم وقبض على روسيين ينتميان إلى هيئة تحرير الشام، فما الذي تريده موسكو من هذا الإعلان؟

أغلب الظن أن روسيا تكذب، وهي تعلم أن العالم يعلم أنها تكذب، لكن رغم ذلك، يبقى السؤال مطروحا، فهل تهدد روسيا العالم بمنطقة أخرى يمكنها أن ترفع حدة التوتر فيها، أم أنها بالفعل تنوي افتعال أزمة في إدلب؟

في الواقع، كلا الاحتمالين وارد، فمن جهة أولى، لم توقف روسيا حملتها على إدلب إلا بعد قراءة متأنية للمشهد الدولي فضلت من خلالها نوعا من المهادنة، وقبلت بوقف إطلاق النار على مضض، وخارج رغبة النظام السوري الذي مازال يتمنى موافقة روسيا على إعادة الكرة، خاصة وأن تبعات توقف المعارك من دون حسم نهائي بدأت تنعكس بشكل سلبي على وضعه الداخلي كما كان متوقعا، وروسيا التي تهدد العالم باستقراره قد تجد أن الفرصة مناسبة للتصعيد مادام الغرب مصمما على محاصرتها.

من جهة ثانية، قد يكون هذا التصريح الروسي مجرد تهديد للفت انتباه الغرب أن روسيا لديها أوراق ضغط أخرى يمكنها أن تستخدمها في الوقت المناسب، وأنه على الولايات المتحدة أن تكون أكثر تعقلا في تعاملها مع روسيا، لأنها بالفعل قادرة على زعزعة أمن واستقرار العالم.

نظريا، يبقى الاحتمال الثاني هو الأرجح. أي، أن تبقى التهديدات الروسية عند حدود التهديد، فالمتوقع والمرجح أنها ستستمر بممارسة الضغوط على أوكرانيا دونما تراجع إلى أن تشعر أن رسائلها قد وصلت، وهي في النهاية ستصل، لأن روسيا مستعدة للتصعيد في أوكرانيا حتى النهاية، بينما ليس لدى الإدارة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين نفس الاستعداد، وأغلب الظن أن الولايات المتحدة ستتراجع قليلا عن حشر الدب الروسي تفاديا لدفعه لتبني خطوات هوجاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى