مقالات

الخدمات العامة في المناطق المحررة_تحدي المركزية واللامركزية

منذ بضعة أيام أجرى مركز نما للأبحاث المعاصرة استطلاع يهدف إلى قياس الانطباع العام حول منحنى تقديم الخدمات العامة في مناطق ريف حلب الشمالي من خلال السؤال التالي:  ((برأيك كيف ترى الخط المنحني لتقديم الخدمات العامة في مناطق ريف حلب الشمالي؟)).

برأيك كيف ترى الخط المنحني لتقديم الخدمات العامة في مناطق ريف حلب الشمالي؟

تم النشر بواسطة ‏‎NMA for Contemporary Research‎‏ في الثلاثاء، ٢٧ أبريل ٢٠٢١

وقد ظهر من خلال هذا الاستطلاع وجود غالبية تمثلت ب 73% من المشاركين في استطلاع الرأي يرون بأن منحنى تقديم الخدمات في مناطق ريف حلب الشمالي بارتفاع. وحتى يمكن القول بأن إجراء نفس الاستطلاع في منطقة إدلب سيعطي أيضا أغلبية وإن كان يتوقع أن تكون أقل لوجود ارتفاع في منحنى تقديم الخدمات العامة. ولعل بعض الأسباب التي أدت إلى تحسن واقع تقديم الخدمات العامة هي:

  1. توفر هذه الخدمات بغض النظر عن جودتها مقارنة بفقدانها في المرحلة السابقة. فمثلا: خدمة تسجيل المركبات كانت خدمة مفقودة، وحاليا أصبحت متوفرة. أيضا، خدمة الكهرباء من الخدمات التي كانت مفقودة، ثم بدأت تنتشر في العديد من المدن السورية، ولعل خدمة الكهرباء من الخدمات التي تعتبر الأفضل ليس فقط على مستوى المناطق المحررة وإنما على مستوى سورية حيث تعاني مناطق سيطرة النظام وحتى قسد من خدمة كهرباء تعتبر سيئة جدا.
  2. دور الدولة التركية الداعمة لتوفير الخدمات العامة في المناطق المحررة لتعزيز مؤشرات الاستقرار في المنطقة والتخفيف من عناصر الهجرة من هذه المناطق تجاه الأراضي التركية.
  3. 3-    دور منظمات المجتمع المدني في دعم مشاريع الخدمات العامة .
  4. زيادة فعالية المؤسسات العامة المسؤولة عن هذه الخدمات. فمثلا:  أي مقارنة سريعة بين واقع مجالس الإدارة المحلية في مدنية أعزاز ما بين عامي 2016 و2021 نلحظ تطورا كبيرا لجهة مؤشرات البناء المؤسساتي والترسيخ السلطوي  لها  كوحدة حكم محلي، وتوفر الموارد البشرية والمالية حاليا عما كانت عليه سابقا.

وإذا ما توقفنا عند النقطة الأخيرة وهي المتعلقة بالبنى الحوكمية الموجودة؛ نجد أننا أمام نموذجين مختلفين في كل من منطقة إدلب والتي تديرها حكومة الإنقاذ والتي هي عبارة عن وحدة حكم محلي بمستوى مركزية عالية لجهة وحدات الإدارة المحلية التي تتبع لها كمجالس الإدارة المحلية للمدن والبلديات، أو على مستوى وجود أجهزة تنفيذية مركزية كالمديرات والشركات التي تدير مرفق معين  مثل شركة وتد للمحروقات، أما منطقة ريف حلب الشمالي فهى تتبع اسميا للحكومة السورية المؤقتة والتي تفتقد أذرع تنفيذية ذات فعالية أو موارد مالية وبشرية للعمل المباشر، وتدار فعليا من قبل مجالس الإدارة المحلية، والتي تمتلك صلاحيات ذات درجة عالية وغير معتادة؛ ليس لما كانت عليه مجالس الإدارة المحلية في فترة الثورة، بل لما قبل الثورة أيضا. وعليه، بات تقديم جل الخدمات العامة يقع على عاتق هذه المجالس، واذا ما ثبتنا كل العناصر الأخرى التي تؤثر على مستوى تقديم الخدمات العامة فإن عنصر نموذج الإدارة المحلية المسؤول عن تقديم الخدمة العامة سيلعب دورا في إحداث فارق بين هذه البنى الحوكمية، وهنا قد يشتعل الجدال بأن أي النماذج هو الأكثر فعالية وكفاءة؛ فالبعض يرى بأن مراحل الصراع والأزمات تحتاج مركزية في اتخاذ القرار وسرعة للاستجاية للمتغيرات والقدرة على حشد الموارد وهي معايير تمتاز به طريقة الإدارة المركزية، بينما يجادل البعض بأن نتائج اللامركزية أكثر استدامة مع التأكيد على أن اعتماد اللامركزية لا يعني تغييب سبل التنسيق الإداري، فمثلا، هناك العديد من الملفات الخدمية لا تستطيع مجالس الإدارة المحلية في منطقة ريف حلب الشمالي القيام بها بشكل معزول عن تنسيقها مع باقي مجالس الإدارة المحلية،كما أن الوصول لمجالس إدارة محلية قوية يتطلب عدة شروط منها على سبيل المثال: تعزيز شرعيتها من خلال انتخابات دورية لها، وفي النهاية  فالمواطن في المناطق المحررة يجري وسيجري دائما مقارنات بين واقع الخدمات في كل من منطقة إدلب وريف حلب الشمالي. وعليه، سيكون النموذج المركزي واللامركزي أمام اختبار مهم في المرحلة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى