التقرير الرصدي للنصف الثاني من شهر كانون الأول-ديسمبر 2020
يسعى هذا التقرير إلى رصد أهم المواقف للدول الفاعلة في الشأن السوري على المستوى الإقليمي والدولي من خلال رصد أهم التصريحات الرسمية واللقاءات والاتفاقيات ذات الصلة، مع تقديم رؤية تحليلية تساعد القارئ في تركيب صورة ذهنية مترابطة حول تطورات القضية السورية وماهية أدوار الدول.
أولا : القوى الدولية
الولايات المتحدة
جاءت أبرز التصريحات الأمريكية بخصوص القضية السورية على لسان المندوبة الأمريكية بمجلس الأمن كيلي كرافت حيث قالت: سنواصل بذل قصارى جهدنا لإيصال المساعدات لكل الشعب السوري، وأن النظام السوري مسؤول عن تدمير البنى التحتية في سوريا وعلى رأسها القطاع الصحي، والولايات المتحدة لن تتوقف أبدا عن دعم تطلعات الشعب السوري إلى إنهاء فوري وعادل للنزاع المستمر منذ عقد من الزمن. وأضافت كرافت: لا يوجد حل عسكري في سوريا يجب أن يدعم نظام الأسد خارطة الطريق السياسية المحددة في القرار 2254 وصياغة دستور جديد. نحن ندعم وقف إطلاق النار والإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفيا، وبدون نتائج ملموسة لن يعود ملايين اللاجئين وسيحجب المجتمع الدولي تمويل التنمية والعقوبات على النظام ستستمر. ندعو مجلس الأمن إلى تجديد الوصول الإنساني الحيوي عبر الحدود البرية التي ساهمت روسيا والصين بقطعه.
وجاء على صفحة السفارة الأمريكية في دمشق على فيسبوك: سنواصل فرض العقوبات بموجب قانون قيصر حتى ينهي نظام الأسد حملته العنيفة ضد الشعب السوري وحتى يتخذ خطوات لا رجعة فيها نحو حل سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. قبل عام، وقع الرئيس ترامب على مشروع قانون قيصر ليصبح قانوناً لمحاسبة “بشار الأسد” ونظامه على الفظائع التي ارتكبوها في سوريا، ومنذ ذلك الحين، فرضنا عقوبات على أكثر من 90 شخص وكيان لدعمهم نظام الأسد في إدامة حرب وحشية لا داعي لها. سنواصل فرض هذه العقوبات حتى ينهي النظام السوري حملته العنيفة ضد الشعب السوري وحتى تتخذ دمشق خطوات لا رجعة فيها نحو حل سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يمثل المسار الوحيد الناجع لتحقيق مستقبل مستقر لكل السوريين.
وفي حزمة أخرى من العقوبات، وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات جديدة تستهدف 7 أفراد و10 كيانات منها أسماء الأخرس والبنك المركزي.
روسيا
استقبل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وزير خارجية النظام السوري الجديد فيصل المقداد، وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء قال لافروف: ناقشنا آخر تطورات العمليّة السياسيّة في سوريا ورحبنا بالتقدم في عمل اللجنة الدستوريّة. وأكدنا حتميّة مواصلة الجهود والعمل في إطار مسار أستانة. وأضاف لافروف: مع تحسن الوضعين السياسي والعسكري في سوريا هناك واجب العمل الإغاثي لحل القضايا الاقتصادية والاجتماعية. حل القضايا الاقتصادية والاجتماعية في سوريا يوفر الظروف المناسبة لعودة اللاجئين، والعقوبات تعرقل حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب السوري. ندين الوجود غير الشرعي للوحدات العسكريّة الأجنبيّة في سوريا. ناقشنا كل المسائل المتعلقة بملف التسوية في سوريا وضرورة تعزيز التعاون الاستراتيجي. نحن الآن في المراحل النهائية من إتمام العمل على وضع الصيغة النهائية من اتفاقية شاملة للتعاون الاقتصادي. إن الوضع في المنطقة حول سوريا معقد والعامل الخارجي يؤثر في الأزمة السورية، والأميركيون يوجهون الاتهامات العلنيّة من دون أيّ أدلة ويجعلونها جزءاً من جدول أعمالهم في المحافل الدوليّة.
وفي سياق آخر، نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين يقول: إن شركاء روسيا الأجانب في التعاون العسكري التقني يولون اهتماما متزايدا بالمنتجات العسكرية الروسية التي اختبرتها موسكو في سوريا.
وعقب لقاء آخر جمعه بوزير الخارجية التركي قال لافروف: بحثنا مع الجانب التركي الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونرحب بمبادرة أنقرة لحل النزاع في كاراباخ طبقا لاتفاقنا مع أرمينيا وأذربيجان. بحثنا تطورات الأوضاع في سوريا وليبيا مع الجانب التركي. العلاقات الروسية التركية تحمل طابعا استراتيجيا منذ فترة طويلة منذ أن كان الغرب يفرض عقوباته علينا.
ثانيا : القوى الإقليمية
تركيا
انسحب الجيش التركي في الفترة الأخيرة من عدة نقاط عسكرية تابعة له كانت محاصرة في مناطق سيطرة عصابات الأسد، وكشفت وسائل إعلامية نقلًا عن مصدر تركي، أن الجيش التركي أخلى 7 نقاط عسكرية تابعة له كانت محاصرة في مناطق سيطرة عصابات الأسد، وقام بسحبها إلى مناطق سيطرة الفصائل العسكرية شمال سوريا. وقال المصدر التركي إن آخر عمليات إجلاء نقاط المراقبة التركية اكتملت مساء يوم الخميس، مشيراً إلى أنه تم إعادة نشرها في المناطق التي يسيطر عليها الثوار بموجب اتفاق روسي. وذكرت وسائل الإعلام بحسب مصادر قالت بأنها من فصائل المعارضة المدعومة تركيا، إن عدد الجنود الأتراك في شمال سوريا يتراوح بين 20 و25 ألف جندي. وتجدر الإشارة إلى أن القوات التركية دعّمت نقاط تمركزها مؤخراً في منطقة “جبل الزاوية” بريف إدلب الجنوبي، وسط حالة من التوتر العسكري تسود المنطقة.
وعلى الصعيد السياسي التقى وزير الخارجية التركي نظيرة الروسي في موسكو، وقال تشاويش أوغلو عقب اللقاء: 300 ألف سوري كانوا في تركيا عادوا إلى بلادهم بعد عملية “درع الفرات”. سندعم المسار السياسي في سوريا بقوة حيث يجري النقاش بشأن صياغة الدستور الجديد. بحثنا مختلف المسائل ذات الاهتمام المشترك ونخطط لمزيد من الاتفاقيات مع الجانب الروسي. وأضاف أوغلو: التعاون مع موسكو بدأ يؤتي ثماره في كاراباخ وليبيا وفي المتوسط. لدينا موقف مشترك مع روسيا إزاء مختلف القضايا الدولية والإقليمية. علاقاتنا مع روسيا ليست بديلة لعلاقاتنا مع النيتو أو أوروبا أو الولايات المتحدة ونعطي أهمية كبرى لها.
ثالثا: القوى المحلية
النظام السوري
زار وزير خارجية النظام المكلف حديثا فيصل المقداد روسيا والتقي وزير خارجيتها سيرجي لافروف، وعقب اللقاء أطلق المقداد عدة تصريحات جاء فيها: العلاقات الروسيّة السوريّة ارتقت خلال السنوات الماضية إلى مستويات عالية. العلاقات الروسيّة السوريّة مبنية على عاملين هما الحرب على الإرهاب وتعميق العلاقات بين الشعبين. اتفقنا على توسيع علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، والتعاون سيشهد المزيد من الإنجازات في الأشهر المقبلة. وأضاف المقداد: حل الأزمة التي تواجهها سوريا يحتاج إلى موقف وطني يؤكد على ثوابتنا وبشكل خاص وحدة الأرض والشعب. وبخصوص أعمال اللجنة الدستورية قال: أخطر ما يهدد عمل اللجنة الدستوريّة هو التدخل بعملها من قبل الدول الغربيّة وصولاً إلى رغبتها بفرض رؤيتها.
وعن الاجتماع مع لافروف تحدثت المستشارة الخاصة في الرئاسة السورية بثينة شعبان لقناة الميادين قائلة: الاجتماع مع لافروف استمر 4 ساعات وناقشنا كل المواضيع وهناك رؤية مشتركة للأوضاع، ولم نطلب أي مساعدة لأن التعاون الاقتصادي مع روسيا يسير بشكل ممتاز. وأضافت شعبان: بعد تحرير معظم الأراضي السورية حوّلوا الحرب من الميدان إلى الاقتصاد وهناك حلول نضعها مع حلفائنا. وهناك آليات وخطط وعمل لمواجهة الحصار المفروض على الشعب السوري، ونأمل أن تشارك دول عربية وغير عربية في إعادة الإعمار وهناك جهود حثيثة تبذل في هذا الإطار. الحكومة السورية ستوفر كل ما تتطلبه عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
وعن الإدارة الأمريكية الجديدة قالت شعبان: نتطلع كيف ستكون سياسية الإدارة الأميركية الجديدة والأهم بالنسبة لنا انسحابها من أرضنا. لا نتوقع الكثير من الإدارة الجديدة فمنطقتنا عانت من الغدارتين الديمقراطية والجمهورية.
أما فيما يخص إيران وميليشياتها فقد قالت: لا يمكن لروسيا أن تطلب من دمشق إخراج إيران أو حزب الله من أراضيها فهذا أمر غير مطروح بتاتاً. كما أن الروس لم يفتحوا معنا موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا أبداً.
وعن الاتفاق مع قسد قالت: تمّ الاتفاق على بعض النقاط مع “قسد” بشأن علم البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها لكنهم لم يوقعوا الاتفاق.
أما بخصوص التحركات حول عين عيسى فقد تحدثت بعض الأنباء عن وصول تعزيزات عسكرية لقوات النظام إلى بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي.
وفي تصريح له لوكالة سبوتنيك الروسية قال وزير الخارجية لدى النظام السوري: الانتخابات الرئاسية لن تتأجل إذا فشلت اللجنة الدستورية بالتوصل لاتفاق. وأضاف: الوجود العسكري الروسي في سوريا ليس مفيداً فقط بل ضروري أيضاً.
أما رئيس النظام بشار الأسد فقد أصدر مرسوماً تشريعياً بصرف منحة 50 ألف ليرة سورية لمرة واحدة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة و40 ألف لأصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين.
وبعد خبر مطالبة دمشق للأمم المتحدة باتخاذ إجراءات “حازمة وفورية” لمنع تكرار الاعتداءات الإسرائيلية، وكالة الأنباء سانا التابعة للنظام تتحدث عن أن الدفاعات الجوية تتصدى لهجوم إسرائيلي في محيط العاصمة دمشق، وتعلن مقتل جندي في قوات النظام وإصابة 3 آخرين جراء قصف إسرائيلي على موقع للنظام في منطقة النبي هابيل بريف دمشق.
وباتجاه آخر، وكالة سانا التابعة للنظام تتحدث عن مقتل 28 شخصا وجرح 8 آخرين في هجوم على طريق دير الزور – تدمر في منطقة كباجب.
درعا
مازالت أخبار درعا تشير بوضوح إلى فوضى أمنية عصية عن الضبط وجاءت أخبار الاغتيالات المستمرة على الشكل التالي:
اغتيال الشابين “قاسم يوسف المسالمة” و “طارق شبيب المسالمة” على يد مجهولين بعدة طلقات نارية في درعا البلد.
مقتل طفل وإصابة اثنين آخرين أثناء بحثهم عن نبتة الفطر بانفجار لغم من مخلفات الحرب في محيط بلدة دير العدس بريف درعا الشمالي.
اغتيال مساعد أول تابع للأمن العسكري وبرفقته أحد عناصر الفرقة الرابعة في قوات النظام في بلدة سحم الجولان غربي درعا.
مقتل اثنين من عناصر فرع المخابرات الجوية في مدينة داعل بريف درعا إثر تعرضهم لإطلاق نار مباشر من قبل مجهولين يستقلون دراجة نارية.
اغتيال مساعد أول يدعى “أبو سكندر” مسؤول الدراسات الأمنية لدى فرع المخابرات الجوية وأحد عناصر الفرع على يد مجهولين في مدينة داعل شمال درعا.
مقتل المدعو “غيث ضرار الزعبي” أحد عناصر الفرقة الرابعة التابعة للنظام على يد مجهولين في بلدة اليادودة بريف درعا الغربي.
قوى الثورة
نقابة المحامين الأحرار تطالب الائتلاف الوطني وكافة أعضاء اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض وممثلي المجتمع المدني السوري بوقف كافة اللقاءات والاجتماعات وأشكال التفاوض لحين رجوع المبعوث الدولي عن استخدام مصطلح العدالة التصالحية.
من جانب آخر، الائتلاف الوطني السوري يرحب في بيان له بقرار وزارة الخزانة الأمريكية إدراج مجموعة جديدة من كيانات وأفراد داعمين للنظام إلى قائمة العقوبات الأمريكية.
وفي تصريح لوكالة الأناضول رئيس الائتلاف الوطني نصر الحريري يقول: هناك إصرار من النظام وحلفائه مدفوعين بأطراف أخرى لبدء عملية عسكرية في منطقة إدلب. وعن اللغط الذي حصل حول عبارة العدالة التصالحية التي جاءت في تقرير المبعوث الأممي غير بيدرسون قال الحريري: نريد عدالة انتقالية وليست تصالحية ولا ترميمية والعملية السياسية في سوريا تبدأ عبر الحكم الانتقالي. وأضاف الحريري: أي مفاوضات أمريكية أو اتفاق جديد مع إيران سيؤدي لزيادة نفوذ طهران بسوريا ولن يساهم في العملية السياسية، وأي دعم أمريكي جديد لقسد سيعيق التوصل لحلول في المنطقة. وبخصوص ملف المعتقلين قال الحريري: ملف المعتقلين كان وسيبقى أولويتنا في كل لقاء وتحرك دولي وقانوني ودبلوماسي حتى إطلاق آخر معتقل لدى هذا النظام المجرم، ولا نقبل أن تكون “قضية المعتقلين” الإنسانية الخطيرة ملفاً للتفاوض أو للمساومة والابتزاز.
رابعا: أخبار كورونا في سوريا
مناطق النظام
حسب وزارة الصحة في حكومة النظام: بعد تسجيل ١٠١ إصابة جديدة بفيروس كورونا ارتفع عدد الإصابات المسجلة في سورية إلى ١١٣٤٤، ومع تسجيل شفاء ٤٨ حالة من الإصابات المسجلة بفيروس كورونا ارتفع عدد حالات الشفاء إلى ٥٢٩٦، أما الوفيات فقد ارتفع عددها إلى 704 حالة.
مناطق قسد
حسب الأرقام الصادرة عن هيئة الصحة في الإدارة الذاتية التابعة لقسد: إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا شمال شرق سوريا بلغ 8024 منها 1138 حالة شفاء و271 وفاة
المناطق المحررة
سجلت مختبرات الترصد الوبائي 73 إصابة جديدة بفيروس كورونا في الشمال السوري المحرر ليصبح العدد الإجمالي 20204 إصابة كما تم تسجيل 79 حالة شفاء جديدة ليصبح العدد الكلي 12718 وإجمالي الوفيات 308.
خامسا: الرؤية التحليلية
التزمت تركيا بما طرحته روسيا مسبقا لجهة سحب النقاط العسكرية الواقعة في مناطق سيطرة النظام، مع إعادة نشر هذه القوات لتستكمل بناء جدار عسكري حديدي في وجه أي مخطط للنظام للبدء في معركة عسكرية جديدة تجاه إدلب، وقد أتى اللقاء التركي الروسي بعد سلسلة من الاتفاقيات التركية الروسية سواء كان ذلك في أذربيجان أو سورية أو حتى ليبيا أو حتى على المستوى الاقتصادي، بما يشي أن هدف اللقاء هو في تثبيت ما تم التوافق عليه مسبقا والعمل على عدم انزلاق الأمور بين الدولتين لموجة صدام جديدة، ولعل التصريح التركي بأن تركيا تدعم مسار اللجنة الدستورية رغم أن النظام يبدو واضحا أنه معرقل رئيسي لهذا المسار هي في سياق التركيز التركي على الرفض التركي للعودة الى الميدان واعتماد لغة القوة العسكرية، وهو على ما يبدو لا يروق للنظام، ولكن روسيا تدرك ارتفاع تكلفة التفكير بمعركة عسكرية جديدة، خاصة أن الأمريكيين يبدو أنهم واضحين هذه المرة لجهة حزمهم الرافض لفتح معارك عسكرية جديدة ودعمهم للدور التركي في إدلب.