مقالات

مخرج أستانة القادم… مجلس عسكري لإدارة المرحلة الانتقالية ؟

تواترت الأنباء عن تقديم كل من منصتي القاهرة وموسكو لطرح في لقائهما الأخير مع لافروف مقترحا يشمل تشكيل مجلس عسكري، وقد نفى رئيس منصة موسكو، قدري جميل، مشاركتهم بتقديم وثيقة مكتوبة حول إنشاء مجلس عسكري للجانب الروسي.

وقال “جميل” في تغريدة على موقع “تويتر”: “نشرت الشرق الأوسط اليوم مادة ادعت فيها أن منصتي موسكو والقاهرة سلمتا الجانب الروسي وثيقة مكتوبة حول إنشاء مجلس عسكري.. إن الخبر لا يمت للواقع بأية صلة، ونستغرب توقيته وشكله ونستنكر محتواه الذي يهدف لخلط أوراق العملية السياسية التي نضجت ظروفها ويهدف لعرقلتها”.

وكانت صحيفة “الشرق الأوسط” ذكرت في تقرير اليوم، أن موسكو تلقت عروضا من معارضين سوريين من منصتي موسكو والقاهرة تضمنت اقتراح تشكيل مجلس عسكري خلال المرحلة الانتقالية يتم الاتفاق حول مدتها. وشملت تلك العروض قيام بعض الشخصيات السورية المعارضة بعرض أفكار بصفة شخصية على الجانب الروسي حول تشكيل مجلس عسكري ومهماته. وقال جمال سليمان، أمس، إنه لم تقدم وثيقة رسمية باسم «منصتي» القاهرة وموسكو، بل «قدمت أفكاراً بصفتي الشخصية» خلال زيارة موسكو.

وقد تزامنت هذه الأخبار مع تواتر في طرح اسم العميد مناف طلاس لرئاسة هذا المجلس مما زاد لدى البعض من صدقية هذه الأخبار، خاصة أنه تم تسويقها في سياق تفاهم دول أستانة: روسيا، تركيا، إيران، وبهدف تقييم هذه الطروحات لابد من التوقف عند النقاط التالية:

  1. في أي عملية تسوية لصراع طويل الأمد كالصراع السوري يعتبر القطاع العسكري الأمني هو من أكثر الملفات حساسية وخطورة والتي تحتاج إلى ترتيبات واضحة تراعي حقيقة الفواعل العسكرية وميزان القوى القائم، ولا تكون من خلال طروحات نظرية.
  2. طرح تشكيل مجلس عسكري لإدارة مرحة انتقالية بالصيغة التي تم الترويج لها من خلال تشكيل جسم عسكري بين ضباط النظام وضباط منشقين لم يشاركوا في تشكيل فصائل معارضة مقاتلة يبدو وكأنه ينتمي إلى سورية الخمسينيات. أي، فترة الانقلابات وليس سورية ما بعد عام 2011.
  3. إن أي طرح لتشكيل مجلس عسكري باعتباره بوابة الدخول للحل السياسي بشكل منفصل عن باقي الخطوات الضرورية للوصول لحل سياسي هو طرح مجتزأ لا يعتقد بأن الدول تعتد به.
  4. لم تظهر روسيا لحد اليوم أي رغبة حقيقية في الوصول إلى حل سياسي يحدث تغيرا جوهريا في طبيعة النظام القائم.
  5. أن اجتماع أستانة القادم يأتي في ظل تعطل مسار اللجنة الدستورية. وبالتالي، الدول الضامنة لمسار أستانة والتي اختطت المسار الدستوري باتت ملزمة بالعمل لإيجاد صيغة دافعة لهذا المسار بعد الجمود الذي سببه تعنت النظام.

لا يوجد خلاف على أن الإرادة الدولية في حل القضية السورية هي حاجة ضرورية ولا يمكن عمليا التفكير في مسار حل سياسي حقيقي في غيابها ولكن:

 هل الدول الفاعلة في سورية وصلت لهذه الحالة؟ هذا أمر ما زال محل شك. وهل يمكن للدول الفاعلة في المسار السوري فرض سيناريو للحل لا يحمل عوامل نجاحه؟ أيضا يعتقد بأن ذلك بعيد المنال. فخلال عمر الثورة أطلقت عشرات الشائعات وبوالين الاختبار في سورية والتي لم يتعد أثرها أثر زوبعة في فنجان، ويعتقد أن طرح مجلس عسكري لإدارة المرحلة الانتقالية هو زوبعة في فنجان ليس أكثر. وعليه، فلن يحمل اجتماع أستانة القادم أي طرح يتصل بموضوع مجلس عسكري، بل الموضوع الرئيسي الذي سيكون محل نقاش ما بين هذه الدول هو تقييم اتفاقياتهم السابقة ومناقشة الالتزامات التي تضمنتها هذه الاتفاقيات، ولعل موضوع فتح الطرقات الدولية ومقتل جندي روسي في كفرنبل وتعرض القوات التركية لبعض الهجمات في منطقة إدلب من القضايا الميدانية الأساسية التي ستكون محل النقاش. أما على المستوى السياسي فسيطغى مسار اللجنة الدستورية على مجمل نقاشات هذه الدول، وفي واقع انسداد الأفق الميداني وغياب الإرادة الدولية لن يكون أمام هذه الدول إلا الدوران في نفس الحلقة وإعادة التأكيد على ما تم الاتفاق عليه سابقا، والدفع قليلا في مسار اللجنة الدستورية، أما موضوع المجلس العسكري ورغم أهميته في حال وجود توافق دولي فهو حاليا أضغاث أحلام ليس أكثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى