مقالات خارجية

ماذا لو لم يكن الديكتاتور في سوريا أقلويا؟

مقدمة

سورية، من بين جميع الدول العربية التي حدثت فيها ثورات وانتفاضات الربيع العربي، هي التي شهدت القدر الأكبر من العنف والدمار، وهذا ما يدفع بقوة إلى السؤال عن سبب هذا؟ ولماذا لم تجر الأمور في الثورة السورية بنفس الآلية التي جرت بها في كل من الثورتين التونسية والمصرية، اللتين تم فيهما بشكل سلمي تقريبا إسقاط النظام القائم؟ وإن تعثرت لاحقا مسيرة بناء الديمقراطية في كل منها لأسباب مختلفة وبصورتين مختلفتين.

فما هو العامل الذي كان حاسما في مصير الثورة السورية؟ وهل يرتبط هذا العامل بالوضع الطائفي في سورية، وبحقيقة أن رأس النظام السوري هو أقلوي، وهل كان الأمر سيختلف لو أن هذا الرأس لم يكن أقلويا؟ وكيف كانت الأمور ستجري لو أن ديكتاتورا من الأكثرية السُنية هو الذي كان يحكم سورية اليوم؟!

هذه أسئلة افتراضية، ولكن طرحها مهم جدا لفهم حقائق الأمور في الصراع الراهن في سورية، ودور وأبعاد العامل الطائفي فيه، ودور شخصية الأسد كشخصية علوية في هذا السياق.

وهذا ما سيتناوله بحثنا هذا، عبر أسلوب طرح السؤال الافتراضي “ماذا لو لم يكن الديكتاتور السوري أقلويا؟” كفرضية جدلي، ليتم من خلالها فهم البعد والدور الحقيقيين للعامل في الطائفي في الصراع الناشب بين الديكتاتورية الحاكمة والشعب الثائر في سورية.

1- العوامل العامة الحاكمة للثورات وخصوصيات الثورة السورية:

في هذه الفقرة سيتم تسليط الضوء على خصوصيات الثورة السورية التي اختلفت فيها بشكل جوهري عن الثورتين التونسية والمصرية، اللتين كانتا على أرض الواقع حالتين مناقضتين للثورة السورية تماما في مجراهما، ففيهما تم الحسم سريعا، وخلال أسابيع، وبدرجات محدودة جدا من الخسائر، مقارنة بالثورة السورية التي كانت باهظة التكاليف، ولم تصل إلى هدفها حتى بعد أكثر من عقد من الصراع الأعنف.

ما لا شك فيه هو أن قيام كل ثورة ومسار تطورها اللاحق، كلاهما مرتبطان بمجموعة من العوامل التي تخص المجتمع الذي تقوم فيه هذه الثورة، والتي يمكن أن تختلف في جوانب هامة أو حتى حاسمة بين مجتمع وآخر.

ويمكن القول بإيجاز أن مصير أية ثورة في أي مجتمع هو دوما محكوم بثلاثة عوامل هي:

أولا: العوامل الذاتية للثورة المتمثلة بخصائص القوى الثورية التي تقوم بالثورة، ومدى قوتها من حيث الكيف والكم، ومستويات نضجها وتنظيمها وتجهيزها، ووضوح أهدافها ورؤيتها ومنهجية عملها.

ثانيا: العوامل المجتمعية العامة في المجتمع الذي تحدث فيه الثورة، وهذه العوامل قد تلعب دورا معززا للقوى الثورية، وقد تفعل العكس، وقد تدفع إلى حرف الثورة عن مسارها، وفي عداد هذه العوامل تدخل ظروف المجتمع الديموغرافية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وسواها.

ثالثا: العوامل الخارجية، وهي تتمثل بتأثير ودور القوى الدولية والإقليمية ومواقفها من الثورة، فهذه القوى وفقا لمصالحها الخاصة قد تدعم الثورة أو تقف ضدها بشكل مباشر أو غير مباشر، أو تستغلها وتختطفها وتدفعها في أجنداتها الخاصة.

وهذه الفئات الثلاث من العوامل لا تنفصل عن بعضها البعض، وكل منها يؤثر و يتأثر بسواه، فعلى سبيل المثال، الظروف المجتمعية نفسها لها دور كبير في التأثير على طبيعة ونوعية القوى الثورية، والمواقف الخارجية بدورها يمكن أن تبنى بما يتناسب مع طبيعة هذه القوى، أو يمكنها أن تدعم فيها طرف على حساب سواه في حال كانت هذه القوى متعددة الطبائع، وهكذا دواليك…

وهكذا إذا ما قارنا بين الثورتين التونسية والمصرية من جهة والثورة السورية من جهة ثانية، بناء على وضع هذه العوامل في كل من المجتمعات التونسي والمصري والسوري، فإلى ماذا سنصل؟

في ما يتعلق بمجموعة العوامل الأولى لن نجد فرقا كبيرا، ففي كل هذه المجتمعات لم يكن هناك قوى ثورية تمتلك القدر الكافي من التنظيم الثوري والمنهجية الثورية، وهذا عائد بشكل رئيس إلى الفقر المدقع في إمكانيات العمل الجماهيري المنظم، أيا كان نوع هذا العمل، العائد بدوره إلى وطأة ظروف القمع والبطش والإفساد وتردي المعيشة التي تمارسها أو تنتجها الديكتاتوريات الحاكمة في كل من هذه المجتمعات، وسواها من المجتمعات العربية، والفرق الوحيد بين هذه الديكتاتوريات هو في درجة سوئها، وهنا يمكن للنظام السوري أن ينافس بجدارة على الصدارة؛ والذي حدث في كل من المجتمعات المذكورة هو ثورات شعبية، وهي نتيجة موضوعية محتمة لتفاقم تدهور الأوضاع المتعدد الصعد في هذه المجتمعات، و لكن مع ذلك فهذه الثورات كانت على درجة كبيرة من العفوية، وتفتقر بدرجة مماثلة إلى التنظيم والتخطيط الثوريين والسياسيين اللازمين.

لكن إذا ما نظرنا إلى المجموعة الثانية من العوامل، فسنجد أن الأمر هنا مختلف، إذ سنجد على مستوى هذه المجتمعات العديد من القواسم المشتركة الهامة، كما وسنجد بالمقابل أيضا عناصر مختلفة شديدة الأهمية.

المشترك بين هذه المجتمعات الثلاث هو بشكل عام التردي الحاد للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وجاهزية البيئة الاجتماعية المتديّنة لاستغلال وتسييس الدين، وسوى ذلك، أما المختلف في سورية، فهو بشكل رئيس التركيبة الديموغرافية للمجتمع السوري، وهو مجتمع أكثر تنوعا من الناحتين الطائفية والعرقية من كل من المجتمعين المصري والتونسي، وإضافة إلى ذلك فطبيعة النظام الحاكم في سورية مرتبطة جوهريا وإشكاليا بهذه التركيبة، والنظام السوري هو نظام طائفي، من حيث بنيته الرئيسة وقاعدة القوة الرئيسة اللتين يقوم عليهما، وهذا يعني أنه بشكل رئيس يعتمد على قوة طائفية، رغم عدم تبنيه لإيديولوجية مذهبية طائفية أو لأهداف طائفية، وهذه القوة الطائفية التي يعتمد عليها النظام السوري، هي متوفرة في سورية بحكم طبيعة المجتمع التعددي، وهذا بحد ذاته أمر طبيعي، وهو لا يصنع طائفية، ولكنه يوفر إمكانية موضوعية لصنعها إن وجد الصانع وظروف الصنع المناسبين، وهذا ما توفر بعد انقلاب البعث واستيلاء حافظ الأسد على السلطة في سورية؛ وهذا العامل الطائفي كان له في النتيجة دور حاسم في اتجاه المسار المأساوي الذي دفعت إليه الثورة السورية، وهذا ما سنعود إليه لاحقا.

أما في ما يتعلق بالعوامل الخارجية، فالوضع السوري أيضا كان مختلفا، صحيح أنّ المصالح الخارجية موجودة في كل من تونس ومصر أيضا، ولكن تناقضات هذه المصالح في كل من مصر وتونس، لم تكن حادة كما كان الحال في سورية، فسورية كانت قبل الثورة منطقة نفوذ لكل روسيا وإيران، وهنا أيضا لعبت طائفية النظام دورا هاما جدا، وهذا ما سنعود إليه لاحقا أيضا، أما مصر وتونس فقد كانتا منطقتي نفوذ أطلسي، وبشكل خاص أمريكا في مصر، وفرنسا في تونس، وعندما قامت الثورتان المصرية والأمريكية، ورغم البلبلة التي أحدثتاهما في المواقف الأمريكية والغربية، فمع ذلك لم يولـّد هذا لدى الغرب القناعة بأن مصالحه مهددة في كل من تونس ومصر من قبل قوى ثورية مدعومة من قبل منافس عالمي يمكنه أن يتنزع هذه المناطق من الغرب، فالقوى الثورية في كل من مصر وتونس، لم تكن قريبة أو حليفة أو تابعة لروسيا بحيث تخلق تهديدا لمصالح الغرب، وتجعله يتدخل ضدها لحماية النظام القائم الضامن للمصالح الغربية، وهكذا ارتأى الغرب أن لديه الفرصة الكافية للحفاظ على مصالحه إن هو لم يقف ضد الثورات القائمة، فحسم موقفه سريعا وتخلى عن بن علي ومبارك، وتعاطف مع الثورتين الشعبيتين، ومما لا شك فيه أن موقف كل من الجيشين التونسي والمصري كان له أيضا دور جوهري سواء في إسقاط النظامين المستبدين الفاسدين، أو حتى في التأثير على المواقف الخارجية.

أما في سورية، فالأمور جرت بشكل مختلف بشكل جذري، فالجيش السوري، هو فعليا جيش طائفي، مهيمَن عليه من قبل الطغمة الأسدية، التي قامت فعليا بعلونته، ولذا لم ينقلب هذا الجيش على الأسد وينحاز للثورة كما حدث في تونس ومصر، وتحالفات النظام السوري أيضا يلعب العامل الطائفي فيها دورا أساسيا وبالأخص مع إيران، أما روسيا، فالنسبة لها لا يمكن القول أن العامل الطائفي هو ما يحكم علاقتها من نظام الأسد إلا على المستوى البراغماتي، ففي الوقت الذي كان الإيرانيون الذين يشعرون فيه بأنهم في حالة مواجهة سُنية شيعية مع جوارهم العربي، وهذا أمر واقع تطورت إليه الأمور في كل الشرق الأوسط الذي يشهد بشكل عام حالة من الردة السلفية الأصولية منذ عقود بعد فشل مشاريع النهضة المدنية فيه، ويخشون -أي الإيرانيون- من فقدان حليفهم السوري الأقلوي الذي يخشى بدوره الأكثرية السُنية، كان الروس يفكرون بشكل مختلف، ولكنه يقود إلى نفس النتيجة، فالنسبة لهم تركيبة النظام الطائفية لم تكن قطعا أمرا يمكن تجاهله وإغفال أهميته، وهم رؤوا أن هذا النظام بحكم وضعه الأقلوي هذا، وبما هو نظام ديكتاتوري أقلوي في منطقة تشهد تصاعدا للسلفية والطائفية، فهو حكما سيستدعي ردة فعل ضده من قبل الأكثرية السُنية، وليس ضده وحسب بل ضد حليفه الإيراني أيضا، وهذا طبيعي في حالة الاستقطاب المذهبي والطائفي المتفشية في الشرق الأوسط الراهن، وسيمتد هذا أيضا ضد حليفه الروسي، الذي ستراه هذه الأغلبية الثائرة حليفا للنظام الأقلوي، غريمها، وهكذا حسم الروس أمرهم، واعتبروا الثورة السورية ليس ثورة وطنية ديمقراطية، بل ثورة “سُنية”، وهي لا محالة ستتوجه إلى أمريكا والغرب ضد روسيا، ولذلك تشبث الروس بنظام الأسد، وقد شجعهم على ذلك طائفية الجيش السوري ووجود الحليف الإيراني، ولو لم يكن الجيش السوري في مثل هذا الوضع، لاختلف الأمر بشكل جذري كما سنرى لاحقا.

2- ديكتاتورية الأسد وعملية العلونة:

إن الحديث عن “طائفية النظام السوري”، يمكن أن تثير تصورات مختلفة عما هو مقصود بها، ولذا لابد لنا أولا أن نبين ما هو المقصود بهذا الطرح، كي لا يحدث التباس في هذه المسألة، فطائفية النظام السوري لا تعني أنه يتبع سياسات معينة، من منطلقات طائفية محددة، وغايتها خدمة طائفة بحد ذاتها.

فقبل كل شيء النظام السوري هو نظام ديكتاتوري، وهذه طبيعته الأساسية، وكأي نظام ديكتاتوري هو بحاجة إلى قوة يعتمد عليها داخليا وخارجيا لتثبيت وحماية نفسه، وبما أن هذا النظام أنشأه حافظ الأسد، وهو ضابط علوي، فقد رأى حافظ الأسد بعد انقلاب البعث في خضم الصراع الذي استعر على السلطة حينها داخل البعث وخارجه، وبالأخص بين ضباط الجيش، أنه يمكنه الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها في سورية إن هو استغل العامل الطائفي، ولم يكن هو الوحيد الذي فكر بهذه الطريقة حينها، ولكنه كان الفائز في محصلة هذا الصراع، وتمكن بنتيجته من الاستيلاء على السلطة، وعمل لاحقا بكل طاقته لتعزيز وترسيخ سلطته، وقد مرت هذه العملية بالمراحل التالية:

المرحلة الأولى بدأت مع انقلاب البعث على الحكم الانفصالي، واستغلال المزاجية القومية الوحدوية العروبية السائدة آنذاك، ولاسيما أن البعث يعتبر نفسه حزبا قوميا وحدويا، ويضع الوحدة في مقدمة أهدافه الشعاراتية، وهذا الانقلاب خططت له ونفذته حينها “اللجنة العسكرية للفرع الإقليمي السوري لحزب البعث”، وكان الضابط العلوي محمد عمران هو الأعلى رتبة بين ضباطها، وكان في عدادها أيضا الضابطان العلويان صلاح جديد وحافظ الأسد([1])، وقد كان محمد عمران يومها برتبة عقيد، وبعد الانقلاب تمت ترقيته إلى رتبة لواء وأصبح نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية في حكومة أمين الحافظ التي تم تشكيلها في تشرين الثاني 1963، ثم أصبح وزيرا للدفاع في حكومة صلاح الدين البيطار التي قامت من 1 كانون الثاني 1966 وحتى 23 شباط 1966([2])([3])؛ وقد شهدت هذه الفترة تصفية الضباط الناصريين وقتل عدد كبير منهم في تموز من عام 1963 من قبل الضباط البعثيين([4])، فاستفرد هؤلاء بالسلطة، كما شهدت هذه الفترة أيضا صعود وتزايد نفوذ صلاح جديد وحافظ الأسد، وخلافهما مع عمران، الذي أدى إلى استبعاده من اللجنة العسكرية ومجلس الرئاسة في أواخر عام ١٩٦٤ وإبعاده  إلى إسبانيا سفيرا، لكنه عاد في كانون الأول ١٩٦٥وعين وزيراً للدفاع رغم معارضتهما، ثم اعتقل بعد انقلاب 26 شباط 1966، وأفرج عنه بعدها عام 1967، وانتقل إلى لبنان، واغتيل فيه عام 1972([5]).

المرحلة الثانية تبدأ مع انقلاب 26 شباط 1966 الذي قام به كل من صلاح جديد وحافظ الأسد، فبعد أن تم في المرحلة السابقة التخلص من الضباط الناصريين، وهم كانوا غالبا سُنيين([6])،تمكن جديد والأسد في انقلابهم هذا من التخلص من منافسهم الأقوى محمد عمران، وكذلك من أمين الحافظ الذي كان وبعض مواليه العسكريين يشكلون البقية الباقية من النفوذ السني في الجيش، ومن القيادة المدنية لحزب البعث بما في ذلك مؤسسا البعث ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار([7])، وكان الانقلابيون قد أصدروا فور استلامهم للسلطة أيضا قرارا باعتقال منيف الرزاز ومنصور الأطرش وشبلي العيسمي والعشرات سواهم من قيادات وكوادر البعث الموالين لعفلق وبيطار وعمران، وكان ممن أيدوا انقلاب جديد والأسد الضابط الاسماعيلي عبدالكريم الجندي، والضابط السني مصطفى طلاس، والضابط الدرزي سليم حاطوم([8])، الذي كان المنفذ الميداني للانقلاب([9])، ولكنه لاحقا اضطر إلى الفرار إلى الأردن بسبب خلافه مع جديد والأسد، ثم اعتقل وقتل على يد عبد الكريم الجندي بعد عودته إلى سورية خلال حرب حزيران بدعوى المشاركة في الدفاع عنها، أما عبد الكريم الجندي نفسه، الذي كان من أنصار صلاح جديد، فبعد تصاعد المنافسة والخلاف بين جديد والأسد وجدا مقتولا في مكتبه في الثاني من آذار من عام 1969، وبجانبه رسالة تقول أنه انتحر، وتلا ذلك بعد أسابيع إعلان رسمي في سورية عن انتحار زوجته أيضا ([10])؛ ومن الأحداث المميزة  التي شهدتها هذه الفترة أيضا كان التخلص من الضباط الدروز، حيث تم قتل المقدم سليم حاطوم، واتهم اللواء فهد الشاعر بمحاولة الانقلاب وحكم عليه بالإعدام، لكنه نجا بشفاعة من عبد الناصر شخصيا، وتم تسريح العديد من الضباط الدروز بذريعة تأييد سليم حاطوم أو التآمر الانقلابي وهلم جرى([11]).

المرحلة الرابعة بدأت مع انقلاب حافظ الأسد، فمع اقتراب عام 1970، كانت ساحة النفوذ قد خلت تقريبا من كل المنافسين العسكريين والسياسيين لحافظ الأسد، ولم يبق منهم إلا صلاح جديد، وكلاهما علويان، وخلال الفترة السابقة كانا قد تمكنا من التخلص من الضباط الناصريين السُنيين، ومن الضباط الدروز، ومن القيادات المدنية لحزب البعث، ومن منافسهما الأخطر محمد عمران، وقاما باستبدال الضباط الذين تم التخلص منهم بضباط موالين لهما، وعلويين بشكل رئيس([12]).

تلك الفترة من تاريخ سورية الحديث، تسمى بفترة “ازدواجية السلطة”، حيث أحكم حافظ الأسد قبضته على معظم القوات المسلحة، فيما سيطر صلاح جديد، على قيادات الحزب، وهكذا تمت فعليا علونة أهم مؤسستين في الدولة في تلك الآونة وهما الجيش والحزب([13])، وفي اللحظة المؤاتية نفذ حافظ الأسد، الذي كان قد أصبح وزيرا للدفاع بعد انقلاب 23 شباط، وذلك بعد أن كان قد أصبح قائدا للقوى الجوية والدفاع الجوي في عام 1964، انقلابه، وأطاح بصلاح جديد، ووضعه في سجن المزة حتى وفاته في عام 1993.

وبعد أن استلم الأسد السلطة، تابع التخلص من كبار الشخصيات السورية المؤثرة على الساحة السورية سواء في الداخل أم في الخارج، فتم اغتيال محمد عمران في لبنان عام 1972، وكان الأسد يخشى عمران الذي كان أكثر شعبية منه، وكان ما يزال له كتلة كبيرة من المؤيدين في الجيش، إضافة إلى أنه كان محبوبا أيضا في أوساط الطائفة العلوية([14])؛ كما وتم اغتيال صلاح الدين البيطار في فرنسا عام 1980، وكان قد صدر قبل ذلك ضده حكم غيابي بالإعدام عام 1966 الذي غادر فيه سورية بعد وقوع انقلاب 23 شباط([15])؛ وكذلك تم لاحقا إبعاد القيادي البعثي اليساري (الدرزي) حمود الشوفي كسفير إلى الأمم المتحدة عام 1978، ثم انشق الشوفي عن نظام الأسد وانضم إلى المعارضة في العام التالي([16])، وهكذا دواليك…

هذا النهج تابعه حافظ الأسد طوال فترة حكمه، وطال أية شخصية معارضة أو ذات نفوذ، ولم يكن العلويون استثناء من ذلك، وقد قد كان من ضحايا هذه السياسة كل من أحمد سليمان الأحمد، الأكاديمي المتخصص في فلسفة الأدب، وأخ الشاعر بدوي الجبل، الذي مات بشكل غامض عام 1993 في بلغاريا، والذي كان وفقا لبعض المعطيات قد انشقّ عن نظام الأسد، وكذلك ابن بدوي الجبل نفسه، الإعلامي منير الأحمد، الذي قتل عام 1992، والذي كان من أشد منتقدي نظام الأسد، وكان على اتصال مع معارضين لحافظ الأسد([17]).

وفي نفس الوقت الذي كان حافظ الأسد الذي يسعى فيه إلى إفراغ سورية من كافة رموزها وقياداتها السياسة، التي يمكن أن تشكل تحديا أو منافسة أو معارضة لحكمه، واصل بنفس الوقت سياسة علونة الجيش ومؤسسات الدولة، وفي المحصلة تحول الجيش السوري فعليا إلى جيش طائفي تابع وخاضع تماما لسيطرة الأسد، فقد بلغت نسبة العلويين في صفوف المحترفين من ضباط وجنود الجيش النظامي المحترف قرابة 70% وفقا لمجلة “جينس وستراتفور غلوبال انتلجنس”، كما يقول “مركز دراسات الجزيرة” في مقالة له عن هذا الأمر منشورة بتاريخ 28 آب 2011([18])؛ أما حال القطاع المدني، فلم يكن هو الآخر مختلفا، ووفقا لموقع أوريان الفرنسي، كما نشرت شبكة الجزيرة في ‏17‏/06‏/،2020 فقد بلغت نسبة الوظائف التي يشغلها العلويون في الدولة حوالي 80%([19])، هذا علما بأنهم يشكلون حوالي 12% من سكان سوريافقط([20]).

ولم يكتف نظام الأسد بعلونة الجيش ومؤسسة الدولة وحسب، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك وأخطر من ذلك، وهو تطييف المجتمع، فهو قد لعب بالورقة الطائفية، وعمد إلى علونة الجيش ومؤسسة الدولة، في وقت هو الأخطر، حيث كانت المنطقة العربية ككل، تتجه باتجاه الردة الأصولية السلفية، بعد فشل كل المشاريع المدنية، الوطنية والعروبية والاشتراكية والديمقراطية وسواها، وفي وقت كانت هزائم العرب تتوالى أمام إسرائيل، وهذا ما أدى إلى تضاعف الإحساس بالغبن والردة المتطرفة عند الأكثرية السُنية؛ وإمعانا في سياسته، لم يكتف نظام الأسد بذلك، بل قام أيضا بمنع أية نشاطات أو مساع مجتمعية مدنية للتقارب بين الطوائف، ليس فقط عبر مصادرة قطاعات العمل السياسية والمدنية والثقافية والاجتماعية والهيمنة عليها وحسب، بل بقمع أية محاولات أو مبادارات تجري على هذا الصعيد، ومن الأمثلة على ذلك كان طرد الأب باولو دالوليو ونفي الشيخ جودت سعيد واعتقال الشيخ صلاح الدين كفتارو بسبب محاولاتهم القيام بمساع حوارية وتقاربية بين الجماعات والمذاهب في سورية([21]).

3- الحصيلة الكارثية للسياسة الأسدية:

سياسة العلونة التي اتبعها حافظ الأسد، ولم تتغير في عهد وريثه، أدت في المحصلة إلى نتائج فاحشة الخطورة على مستوى كل من الجيش السوري والطائفة العلوية والمجتمع السوري ككل.

فعلى مستوى الجيش، لم يعد الجيش فعليا هو جيشا سوريّا، بل أصبح جيشا أو مليشيا علوية السيطرة، أسدية التبعية، مهتمها الحقيقية ليس الدفاع عن سورية وحمايتها، ولكن حماية نظام الأسد والقضاء على أي تحرك شعبي ضده، فالتركيبة الطغموية العسكرية الطائفية التي أنشأها الأسد لحماية نظامه، كانت تدرك تماما أنها جزء رئيس من هذا النظام، ومصيرها مرتبط بشكل جذري بمصيره، وأنّ إسقاط هذا النظام لا يعني فقط إسقاط شخص الأسد، بل يعني إسقاطها معه، ولذلك لم تتوانَ هذه التركيبة عن التعامل بكل وحشية مع الثورة الوطنية التي بدأت كانتفاضة شعبية تطالب بالحرية والديمقراطية، فهذه التركيبة بحجم طبيعتها وموقعها وجدت نفسها مستهدفة بدورها في الحراك الشعبي الوطني التحرري، وهي لم تخطئ في ذلك، فثورة وطنية تحررية حقيقية لا يمكنها أن تقبل بجيش يخضع لمثل هذه الهيمنة الطائفية، ولا يمكنها أن تبني دولتها الوطنية الديمقراطية بوجوده.

هنا قد يُحتج على هذا الكلام عن “علوية” الجيش في سورية، بأن مواقع حساسة فيه كان يشغلها ضباط سُنيون كبار كمصطفى طلاس الذي كان وزير دفاع حافظ الأسد حتى وفاة الأخير، والذي استمر في وزارته لسنوات أخرى في عهد بشار الأسد، وكحكمت الشهابي الذي كان رئيس الأركان لفترة طويلة في نظام الأسد، وسواهم، وردا على هؤلاء يمكننا إيراد ما يقوله الباحث إسلام المنسي: “مصطفى طلاس وزير الدفاع، كان يوصف داخل الجيش بأنه (ليس له من دور إلا دور الذيل من الدابة)، وحكمت الشهابي الذي كان يشغل منصب رئيس الأركان، كان لا يجرؤ على تحريك قطعة عسكرية من تلقاء نفسه، وهكذا ظل الهيكل العلوي الموازي هو المؤسسة الحاكمة الفعلية للدولة”([22])، ومعنى هذا الكلام أن وجود مثل هؤلاء الضباط هو مجرد واجهة شكلية للإيحاء بوجود مشاركة سُنية في القيادة، فيما على أرض الواقع ليس لدى هؤلاء الضباط أي ثقل حقيقي فاعل، وعدا عن ذلك، فمثل هؤلاء الضباط هم من الناحية المصلحية ينتمون إلى نظام الأسد ويتبعون له، ويربطهم به رابط الولاء المصلحي، وبالتالي هم يفتقدون إلى كل من القدرة والإرادة في أن يكونوا في لحظة ما أصحاب موقف فاعل مستقل يختلف عن موقف الأسد. 

أما على مستوى الطائفة العلوية، فحالها لم يكن أفضل من حال الجيش الذي أعاد حافظ الأسد هيكلته، وبناءه، وحوّله فعليا إلى حرس خاص بنظامه، ومهتمه حماية هذا النظام، فحافِظ الأسد أيضا قام بإعادة هيكلة الطائفة العلوية، وهيمن وسيطر عليها، ليستغلها ويستخدمها للسيطرة على سورية كلها وإحكام قبضته عليها، وإنتاج نموذجه الخاص منها المسمى بـ“سورية الأسد”، وهدفه لم يكن قطعا خدمة الطائفة العلوية بدافع انتمائه إليها عندما مكنها من التغلغل في الجيش وفي مؤسسة الدولة، بل فعل ذلك لأن وجود أبناء طائفته الملتفين حوله في هذه المواقع المفصلية هو ضرورة مصيرية لنظامه، ووضعُ حافظ الأسد لأبناء طائفته في هذه المواقع، يحقق له هدفين متحدين، فهو يذلك يستطيع ضمان التفاف أبناء هذه الطائفة حوله وخضوعهم له، عندما يرون أنه يتيح لهم فرص مصلحية وسلطوية ونفوذية، لا تتاح إلا بوجوده، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، ففي الوقت الذي يتواجد فيه أبناء هذه الطائفة في هذه المواقع تحت سيطرته، فهذا يتيح ويضمن له استخدامهم واستغلالهم كيفما يريد للسيطرة على كل سورية.

وهكذا أعاد الأسد هيكلة الطائفة العلوية، وجعلها تتماهى مع دولته ونظامه، وبذلك ربط مصيرها بمصير نظامه، وجعلها تحس بأنها مرتبطة مصلحيا ومسؤوليا مع هذا النظام، فتشاركه المصلحة في بعض ما يجنيه من مكاسب، وتتحمل معه العاقبة على كل ما يرتكبه من جرائم، وهكذا نشأت لدى الطائفة العلوية يشكل عام حالة تجمع بين المصلحة في بقاء في نظام الأسد، والرهاب من انتقام الأكثرية السُنية في حال سقوطه، وهذا صنع شعورا عاما عند العلويين بأن أيّ تهديد لنظام الأسد هو تهديد لهم جميعا، وبالمقابل أنّ الدفاع عن نظام الأسد وحمايته من قبلهم هو دفاع عن النفس وحماية للنفس، وهذا بالضبط ما كان يريده ويسعى إليه حافظ الأسد.

عن وضع الطائفة العلوية هذا يقول د. برهان غليون أن الطائفة العلوية لم يكن فيها عصبية طائفية بعكس ما يعتقد البعض، ولكن نظام الأسد اختطف هذه الطائفة وأنتج “ما يمكن أن نسميه إعادة هيكلة الطائفة العلوية التي كانت أقل الطوائف تنظيما ذاتيا ووعيا بالهوية الخاصة، من خلال الدولة ذاتها، فصارت الدولة هي الطائفة والطائفة هي الدولة”([23])، فيما يصف الكاتب السوري إبراهيم الجبين ما حدث بأنه “ورطة الطائفة في رمال الأسد المتحركة”([24]).

أما على مستوى المجتمع السوري ككل، فبتركيزه على تمكين أبناء الطائفة العلوية من معظم المواقع الحساسة في الجيش والدولة، يصل الأسد إلى نتيجتين مترابطتين، فهو من ناحية أولى يضع أتباعه في أهم مواقع القوة والسيطرة، ومن ناحية ثانية يحدث شرخا طائفيا في المجتمع السوري، بما سيولده ذلك من إحساس بالغبن والانتقاص، ولاسيما عند الأغلبية السُنية، التي ستشعر عندها بأنها أقصيت لصالح الأقلية العلوية، وهذا الشرخ بين السنيين والعلويين، لن يقتصر عليهما وحسب عندها، بل سيمتد إلى باقي الطوائف والجماعات، وفي محصلته سيجني الأسد فوائد كبيرة، فهذا الشرخ الطائفي سيجعل طائفته الأقلوية الخائفة من الأكثرية السُنية أكثر التصاقا وتشبثا به وبنظامه، وستعتبرهما ضمان أمنها وحمايتها وسيادتها على غريمها السُني، كما أن هذا الشرخ  سيضع الأغلبية والأقليات في مواجهة بعضهم بعضا، فيضعفهم جميعا في المحصلة، ويغدو بمستطاع نظام الأسد السيطرة عليهم والتحكم بهم بشكل أضمن وأسهل، وهو أيضا سيقي نظام الأسد المستبد الفاسد من إمكانية اتحادهم جميعا ضده للخلاص من شروره، وهكذا سعى الأسد إلى القضاء على وحدة المجتمع السوري وتحويله إلى مجتمع طوائف خاضع لسلطته وتحكمه، وفي هذا يقول د. غليون أن نظام الأسد أجبر أبناء الطائفة العلوية على الدخول في مشروعه الذي يسعى للقضاء على الهوية الوطنية السورية، وإعادة بناء حكم طوائفي يلغي الحاجة إلى السياسة ويقصرها على توزيع المناصب على ممثلي الطوائف والعصبيات المختلفة، ولتحقيق ذلك استخدم الأسد أدوات الترغيب والترهيب، فوزع المناصب والثروات على من قبل بمشروعه، وحيّد بالقتل والإرهاب والتهميش والإقصاء معارضيه من داخل الطائفة ذاتها([25]).

وهكذا تمكن حافظ الأسد من السيطرة على الطائفة العلوية وإعادة قولبتها في نظامه، وتمكن عن طريق ذلك من السيطرة على الجيش ومؤسسة الدولة في سورية، وتمكن أيضا من إلحاق إصابة بليغة بوحدة المجتمع السوري.

وعندما اندلعت الثورة السورية، وهذا ما كان نظام الأسد يخشاه دوما ويحتاط له بشتى السبل، أثمرت مخططات الأسد التي كان قد أعدها لمواجهة مثل هذا اللحظة.

فعند اندلاع الثورة، لم يجد الأسد نفسه في مواجهة مجتمع سوري موحد ثائر ضده، وجيش سوري مستعد للانحياز إلى الشعب الثائر، ولكنه وجد نفسه في حالة انقسام تعمل بقوة لصالحه، فالجيش الموجود بات هو جيشه المرتبط مصيريا به، وطائفته أيضا باتت هي الأخرى تربط مصيرها بمصيره، وكلاهما مستعد للدفاع عنه بشكل يرى فيه أن يدافع عن نفسه ضد خطر يستهدفه؛ والذي حسم موقفه ضد الأسد هو بشكل رئيس الأكثرية السُنية، وبالأدق جزء من هذه الأكثرية، فيما وجدت بقية الجماعات، باستثناء الأكراد، نفسها في وضع مضطرب تأرجحت فيه بين الولاء والحياد والمناهضة، أما الأكراد، الذين يشكلون بين 5-10% من سكان سورية([26])، الذين كان نظام الأسد يضطهدهم في مجال حقوقهم الكردية الخاصة مانعا بذلك اندماجهم في شعب سوري ناضج موحد، فهم ذهبوا في اتجاههم الخاص، ولم ينضموا إلى الأغلبية السنية العربية، وهكذا انحصرت المواجهة بشكل رئيس بين نظام الأسد وجيشه وطائفته من جهة، وبين الأغلبية السُنية المناهضة من جهة أخرى، ومع لجوء نظام الأسد الديكتاتوري إلى القمع والعنف المفرطين، وتورط جيشه والعديد من مواليه الموتورين من طائفته في ذلك، أصبحت مسألة الهيمنة على الثورة من قبل قوى الإسلام السياسي أسهل، ولاسيما في ظروف تتفشى فيها الردة السلفية في المنطقة العربية ككل، ويتفشى فيها الفقر السياسي البالغ نتيجة عقود من قمع وبطش وإفساد الديكتاتوريات.

تلك كانت تركيبة الأوضاع في سورية إبان قيام الثورة، وهي لم تكن مجهولة أساسا بالنسبة للقوى الخارجية التي بنت مواقفها وفقا لهذه التركيبة، وتعاملت معها وفقا لمبدأ فاعلية الفاعل ضمن قابلية موضوع الفعل، فاستغلتها وفق إمكانية استغلالها ونمّت هذه الإمكانية نفسها، ما جعل الثورة في سورية لا تتحول إلى معترك للمصالح الداخلية وحسب، بل وهذا هو الأخطر، إلى معترك للمصالح الإقليمية والدولية أيضا، وهذا ما قلب الثورة السورية إلى كارثة كبرى، ودفع فيها كل السوريين أبهظ الأثمان، ولم يكن العلويون استثناء من ذلك، فوفقا لفيديو نشره “تلفزيون سوريا” على اليوتيوب في 19‏/03‏/2020، نقلا عن وكالة آكي الإيطالية فـ“عدد القتلى من الشباب العلويين في الحرب التي شنها النظام السوري تجاوز 150 ألف قتيل”([27])، وهذا ما تقوله أيضا أطراف إعلامية أخرى([28]).

4- وما يزال التطييف مستمرا:

حتى اليوم، سياسة العلونة التي بدأت بعد انقلاب البعث وتوسعت بشكل حثيث مع استحواذ حافظ الأسد على السلطة ما تزال مستمرة، ولاسيما في قطاع القوات المسلحة، الذي كان وما يزال مركز القوة الرئيس والأكبر في البلاد، بل ويمكن القول أن مفاعيل هذه السياسة أصبحت في العقد الأخير، وبالارتباط مع الصراع الخطير الجاري، أكثر طائفية وفئوية من ذي قبل، وهي حتى في داخلها أيضا تتضمن المزيد من التمركز الفئوي، حيث يحصر نظام الأسد أهم المناصب القيادية في أقاربه أو بين أهل بلدته القرداحة.

وبهذا الشأن، وبناء على دراسة له، يقول الباحث محسن المصطفى على موقع “مركز كارنيغي للشرق الأوسط” في 15 أيار 2020 أن  الجيش في سورية  قد وصل إلى حالة غير مسبوقة من التطييف بسبب تنامي عملية “العلونة” في سلك الضباط، وأن أهم أربعين منصبا قياديا في الجيش السوري يحتلها ضباط من الطائفة العلوية حصرا([29])، هذا بالإضافة إلى احتفاظ بشار الأسد بقيادة الوحدات النوعية ضمن أبناء القرداحة أو ممن ينتمون لعشيرته أو لعشيرة أخواله([30]).

وضمن هذا السياق أيضا نشرت صحيفة “زمان الوصل”([31]) في 6 حزيران 2021 إحصائية  تكشف عن التوزع الطائفي للمناصب القيادية في جيش الأسد خلال عام 2021، وقد شملت هذه الإحصائية 152منصبا قياديا، ووفقا لها فقد توزعت نسب هذه المناصب على الشكل التالي:

وكما هو واضح بجلاء، فنظام الأسد الذي أوصل سورية إلى الكارثة الراهنة مايزال ممعنا في مفاقمة وتضخيم العوامل التي أدت إلى هذه الكارثة.

5- لو لم تكن الديكتاتورية أقلوية:

بعد ما تقدم، نعود إلى سؤالنا الذي طرحناه في بداية بحثنا هذا، عن الكيفية التي كان يمكن أن تجري بها الأمور في سورية لو أن الديكتاتورية فيها لم تكن أقلوية، بل أغلبوية، أي بمباشر الكلام لو أن ديكتاتورا سُنيا كان هو الموجود محل الديكتاتور العلوي الموجود.

الأمر الجلي في مسألة الديكتاتورية هو أنها بحد ذاتها لا ترتبط بهوية الديكتاتور من حيث الجماعة التي ينتمي إليها، ولا علاقة لهذه الجماعة بطبيعة الديكتاتور نفسه، وعلى هذا المستوى لا يختلف ديكتاتور عن آخر، وفي حقيقة الأمر الديكتاتور لا ينتمي إلا لنفسه، ولا تهمه إلا مصالحه وأغراضه الخاصة، ومن أجل ذلك هو لن يتوانى عن استغلال كل ما يمكن استغلاله لتحقيق هذه المصالح والأغراض، وإن كان بإمكانه أن يستغل طائفته أو قبيلته أو دينه أو سوى ذلك، فهو سيفعل ذلك حتما ودون مبالاة بعواقب هذا الاستغلال على من يستغلهم، ولكن يبقى الفرق في قابلية من يحاول الديكتاتور استغلاله للاستغلال.

وبالطبع ففي مجتمع متعدد الجماعات والطوائف، يمكن لأي ديكتاتور لترسيخ وحماية ديكتاتوريته السعي لاستغلال العامل الطائفي، إلا أنّ إمكانية النجاح في ذلك تختلف.

فحينما تكون الجماعة التي ينتمي إليها الديكتاتور كبيرة، سيكون من الصعب السيطرة عليها بشكل مباشر عن طريق استغلال رابطة الانتماء، كما هو الحال في الأقليات الصغيرة، وكلما كبرت هذه الجماعة أكثر، صارت السيطرة عليها أصعب، ومن أهم أسباب ذلك هو أنه عندما يكون هناك أغلبية شديدة الرجحان، فهذه الأغلبية لا يمكن تخوفيها بالأقليات، ولن تشعر بأنها مهددة من قبلهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هذه الأغلبية بما هي أغلبية أيضا لن تشعر بأن مصلحتها وسلامتها مرتبطة جوهريا بشخص أو نظام ديكتاتور ينتمي إليها، وعدا عن ذلك، وهذا أمر جوهري، فالديكتاتور لا يمكنه أن يتلاعب بمصالح الأغلبية كما هو الحال في حالة الأقلية، ففي حال الأقلية يمكن لهذه الأقلية أن تسكت على تفريط الديكتاتور بالعديد من حقوقها المختلفة، مقابل حمايتها المزعومة من خطر الأغلبية وإعطائها حصصا أكثر مما يتناسب مع حجمها من مراكز ومواقع السلطة والنفوذ والمصلحة، وهكذا ففي حال كان الحاكم من أغلبية راجحة، فهذه الأغلبية ستتخذ مواقفها الخاصة منه بناء على مدى ضمانه لحقوقها بشكل مباشر، وليس بناء على هويته الإنتمائية أو على موقفه من الأقليات، وهي لن تكون مضطرة للتفكير في خطر الأقليات، بل ستفكر في حال كان هذا الحاكم مستبدا فاسدا أنه يهدر حقوقها ويفرط بمصالحها، وسترى في المحصلة أنه لا يصلح للبقاء في الحكم، وستسعى للتخلص منه، وهذا ما حصل في مصر وتونس، حيث لم تشفع سُنية مبارك وبن علي لهما أمام الثوار الذين ينتمون إلى نفس الدين والمذهب، والذين تعاملوا مع مبارك وبن علي كحاكمين مستبدين فاسدين وليس كحاكمين سُنيين، وفي مصر بالتحديد، لأنها أكثر تنوعا من تونس من حيث التركيب الديني والطائفي، لم ينظر الثوار المصريون من المسلمين السُنيين إلى مبارك كحاكم سُني، ولم يفكروا -مثلا- بأن وجوده في موقع الرئاسة يمكنه أنة يعزز موقفهم في مواجهة مفترضة ضد الأقباط، بل نظروا إليه كديكتاتور فاسد لا يصلح لحكم مصر، وثاروا ضده على هذا الأساس.

 وقياسا على ذلك يمكن القول أنه لو أن ديكتاتورا سُنيا وجد في سورية، فموقف الأغلبية السُنية منه، ما كان ليختلف عن موقف الأغلبية السُنية في مصر من مبارك، ولثارت ضده هذه الأغلبية لأنه مستبد غير صالح للحكم، ولما عنت سُنية هذا الحاكم لهذه الأغلبية شيئا، ولما خشيت هذه الأغلبية من فقدان شيء مهم لها إن هو أسقط، بل هي سترى أن من المفيد لها التخلص منه.

ولو رجعنا إلى التاريخ السوري الحديث، فعلى سبيل المثال، سنجد بوضوح أن الُسُنيين السوريين لم يقفوا مع أديب الشيشكلي عندما تمردت عليه السويداء في عام 1954، ولم يتهموا أهالي السويداء حينها بأنهم طائفيون، بل بالعكس فقد أثارت الطريقة البربرية العنيفة التي تعامل بها الشيشكلي مع احتجاجات السويداء ردات فعل قوية عامة ضده في سورية، وتطورت لتؤدي في المحصلة إلى إسقاط ديكتاتوريته، ومن المهم ذكره في هذا السياق هو أن أعوان الشيشكلي هم بالتحديد من حاولوا استغلال العامل الطائفي ضد أهالي السويداء خلال تنكيلهم بهم([32])([33]).

وفي وضع مثل هذا الوضع الذي يفترض فيه  وجود حالة ديكتاتور غير أقلوي في سورية، فالأقليات بدورها كانت هي الأخرى ستثور على هذا الديكتاتور أيضا لأسباب وطنية واجتماعية، ولن تدخل في مواقف هذه الأقليات بدورها أية اعتبارات طائفية ترى فيها أن الأغلبية السُنية تثور على حاكم منها لأسباب طائفية، فحساب كهذا سيكون في غير محله تماما بالنسبة لأبسط درجات المنطق والعقل السليم.

وخلاصة هذا تعني أنه لو كان الديكتاتور السوري من الأغلبية السُنية، التي تبلغ نسبتها 74% من مجمل سكان سورية([34])، فهو ما كان عندها سيستطيع استغلال هذه الأغلبية بنسبتها الشديدة الرجحان هذه لدعم حكمه على أساس طائفي، وهذه الأغلبية نفسها كانت ستثور عليه في خاتمة المطاف لأسباب اجتماعية وسياسية ومعيشية، وهذا ما كانت ستشاركها فيه الأقليات، وعندها ما كان العامل الطائفي سيلعب أي دور يؤدي فيه إلى التفرقة والنزاع بين الجماعات المختلفة، وعلى العكس من ذلك كانت الثورة ستشهد إجماعا وطنيا وتكون أقوى من الناحيتين الكيفية والكمية.

وفي وضع كهذا، الجيش السوري هو الآخر ما كان سيكون لديه أي دافع ذي خلفيات طائفية للوقوف مع الديكتاتور ضد الثوار كما حدث في حالة الديكتاتور الأقلوي الراهنة، التي حسم فيها العامل الطائفي موقف الجيش الحالي، وبالأخص أن الجيش السوري، في حالة ديكتاتور غير أقلوي، هو نفسه ما كان عندها سيكون جيشا تهيمن عليه طغمة أقلوية طائفية، كما هو الحال في حالة الديكتاتورية الأسدية؛ وهكذا يصبح ممكنا القول، بدرجة جد قريبة من الجزم، أن موقف الجيش السوري في مثل تلك الحالة المفترضة ما كان سيختلف عن موقف الجيشين التونسي والمصري.

فماذا عن المواقف الخارجية؟

في تلك الحالة المفترضة، التي نفترض فيها أن الديكتاتور في سورية كان من الأغلبية السُنية، أيضا كانت المواقف والعلاقات الخارجية ستتغير بشكل جذري، فديكتاتور سُني في سورية لا يكون بمقدوره أن يتخذ من إيران حليفا أو حاضنا له على اعتبارات طائفية، وإيران عندها ما كان سيكون لها حضور ونفوذ قويين في سورية، ولا كان سيكون بمقدورها ولا من مصلحتها أن تتورط في صراع داخل سورية، ولا هي كانت ستشعر بأنها ستخسر حليفا طائفيا في الثورة السورية، وموقفها من هذه الثورة حينها كان سيكون تقريبا مشابها لموقفها من الثورة المصرية أو التونسية.

روسيا هي الأخرى، ما كانت عندها ستدخل العامل الطائفي في موقفها، لأن هذا العامل كان عندها سيكون غير موجود، وحتى إن كان الديكتاتور السوري حليفها، فعندها كانت ستكون عاجزة عن دعمه عسكريا في حالة عدم وجود نزاع مسلح بينه وبين معارضيه أساسا.

أما النزاع المسلح نفسه فهو أيضا ما كان سيحدث، وبالتالي فلن يكون هناك أية فرص لتدخلات مسلحة من الخارج.

وفي المحصلة الثورة كانت ستجري وتتم بشكل مشابه للثورتين التونسية والمصرية وبدون أي صراع ودمار كارثيين.

خاتمة:

بناء على ما تقدم من عرض وطرح وتحليل، يتبين كيف تمكن حافظ الأسد بسياسة ممهنجة لترسيخ ديكتاتوريته من إنتاج حالة من علونة الجيش ومؤسسة الدولة، وتطييف المجتمع السوري.

حيث استخدم حافظ الأسد انتمائه الطائفي لاستغلال أبناء طائفته العلوية لخلق شبكة طائفية موالية وخاضعة له يسطر بها على الجيش السوري وعلى الطائفة العلوية نفسها وعلى الدولة والمجتمع السوريين.

وقد تمكن حافظ الأسد فعلا من توريط طائفته بشكل موغل في ديكتاتوريته، ودمج هذه الطائفة في نظامه معيد هيكلتها بما يخدم أغراضه وخططه، وبذلك يكون، وبشكل موعى، قد انتزع هذه الطائفة من النسيج الموحد للمجتمع السوري، وأعطى لنظامه بذلك صبغة طائفية.

لقد كان حافظ الأسد يدرك جيدا أن استيلاءه غير الشرعي على السلطة في سورية سيثير ردة فعل قوية ضده لدى كل الشعب السوري، ولذا انتزع أولا الطائفة العلوية من كلية هذا الشعب، وليس هذا فحسب، بل وضعها في الخندق المقابل تماما، أي خندقه، وعلاوة على ذلك بشكل تندمج فيه مع هذا النظام، وتعطيه صبغة علوية، وبذلك تتم علونة هذا النظام، ويظهر كنظام علوي طائفي، وليس كنظام أسدي ديكتاتوري.

وبهذه العملية يكون الأسد قد حقق الغايات التالية:

أولاها أن إعطاء نظامه مظهرا علويا، سيجعل معظم الآخرين في مجتمع تقليدي محافظ كالمجتمع السوري، الذي ما تزال فيه الروابط الطائفية قوية إلى حد كبير، يتعاملون معه على أساس أنه نظام علوي، وستتحول العلاقة بينهم وبينه إلى علاقة طائفية، وعندها سيتم فرز معظم المواقف الفاعلة من هذا النظام على أساس طائفي وليس على أساس وطني.

وثانيها هو أن إعطاء الأسد لنظامه صبغة طائفية، يجعل الطائفة العلوية تلتف حول نظامه، ليس بصفته نظاما أسديا بل نظاما علويا، ولاسيما أن تطييف وعلونة مظهر النظام ستستدعي معارضة قائمة على اعتبارات طائفية ضد هذا النظام، الذي باتت الطائفة العلوية تعتبره نظامها، وتحس بحالة من التطابق معه، وبذلك تكتمل الدائرة، وبنتيجتها تصبح الطائفة العلوية ترى أن أي موقف أو عمل ضد هذا النظام هو موقف أو عمل ضد نظامها، بل ضدها هي نفسها.

أما ثالثها فهي أن مَظهرة نظام الأسد بمظهر علوي، ستثير حكما ردة فعل سُنية الطابع لدى الأكثرية السُنية، وهذا ما سينتج حالة من الاستقطاب والتضاد العلوي-السُني، وهنا سيكون على بقية الطوائف أن تتصرف كطوائف، وتبني موقفها من هذا الاستقطاب هي الأخرى على أساس طائفي، ونظرا لأن الأكثرية السُنية ذات الأرجحية العددية الكبيرة ستكون قد باتت في وضع يفرض عليها التصرف بشكل طائفي، فهذا سيولد الخوف لدى الأقليات الأخرى، التي ستكون مضطرة إلى الانحياز إلى الطرف العلوي لضمان خلق قوة كافية لمواجهة خطر الأغلبية السنية المتطيـّفة، وفي المحصلة يمكن لنظام الأسد، الذي قسّم المجتمع السوري، وجعل قسما منه في صفه، قد تفادى خطر اتحاد هذه المجتمع ضده، ودفع هذا المجتمع المنقسم إلى التناحر، وبشكل يستطيع فيه الأسد الذي بات ضامنا لأمان سلطانه، أن يلعب لعبته في ما أنتجه من انقسام وتناقض في المجتمع السوري بشكل يستطيع فيها أن يدعي أنه “حامي الأقليات”.

وللأسف تمكن الأسد من النجاح في مسعاه هذا إلى حد كبير، ومع لجوئه إلى أشرس أنواع القمع والبطش ضد كافة القوى السياسية والاجتماعية والمدنية، التي رفضت الخضوع والتبعية له، أصبح الوضع الوطني في سورية بالغ الضعف، في نفس الوقت الذي نما فيها الانشراخ الطائفي إلى حد جسيم  بفعل سياسة الأسد نفسها مضافا إليها الردة السلفية العامة الكبيرة التي حدثت في المنطقة العربية، ومنها سورية، بعد فشل مشاريع التحديث المختلفة.

وهكذا عندما قامت الثورة الشعبية عام 2011، في مثل هذه الظروف من الضعف الوطني والانقسام الطائفي والارتداد السلفي، سارت الأمور كما كان الأسد قد خطط لها، فدافعت عنه الطائفة العلوية بشكل مستميت، وسَهـُل دفع المعارضة الوطنية باتجاه يهيمن عليها فيه الإسلام السياسي السُني المتعصب المتطرف، فيما تذبذبت مواقف الجماعات الأخرى بين الموالاة والمحايدة والمعارضة، ولكن كانت بشكل عام نسبة الموالاة بينها هي الأكبر.

وفي المحصلة تحولت الثورة إلى حرب داخلية، وسرعان ما دوّلت لتصبح بشكل رئيس مواجهة محاور إقليمية ودولية ضارية.

هذه الثمار المشؤومة هي بشكل رئيس من شجرة العلونة والتطييف التي كان عرابها حافظ الأسد، وهو كديكتاتور، كان بسبب هويته العلوية، مضطرا وقادرا بنفس الوقت على أن يكون مثل هذا العراب الذي يلعب مثل هذه اللعبة الطائفية لترسيخ وحماية ديكتاتوريته.

مع ذلك، فالمشكلة في سورية ما تزال مشكلة ديكتاتورية، وليس مشكلة طائفية، وليس هناك في سورية صراع بين الطوائف بحد ذاتها، ولا نزاع يقوم بينها على اعتبارات طائفية، رغم كل ما اقترفه الأسد من تطييف وقمع وبطش وإفساد، إلا أن هذا يجب ألا يعني التقليل من جسامة الشرخ الطائفي الذي حدث، ولا من خطورة المسألة الطائفية من الأساس، التي أمكن بالتلاعب بها واستغلالها إيصال البلاد إلى مثل هذه الكارثة، فلو لم تكن الخلفية الطائفية في سورية أساسا قابلة للاستغلال كما استغلها حافظ الأسد، لما أمكن له أساسا استغلالها كما فعل.

ولذا يجب أشد الوجوب الاعتراف بوجود الإشكالية الطائفية كإشكالية كبيرة المخاطر في سورية، والبحث عن السبيل الصحيح لحلها، وهذه مهمة جزئية متكاملة مع المهمة الكلية المتمثلة ببناء الدولة الوطنية السورية الحديثة، وهذا هدف ما يزال متعثرا وبعيد التحقيق، ولكنه يبقى هدفا مصيريا مستحقا.


[1] – اللجنة العسكرية للبعث السوري، موسوعة المعرفة،https://bit.ly/4393rsW

[2] – اللواء محمد عمران، موقع وزارة الدفاع السورية، http://bit.ly/3MtzON8

[3] – محمد عمران (عسكري سوري)، موسوعة المعرفة، http://bit.ly/3KnqKqi

[4] – ابراهيم الجبين، التصفية السياسية وتجفيف الأرض حول الأسد، صحيفة العرب، http://bit.ly/41e6UF4

[5] – محمد عمران (عسكري سوري)، موسوعة المعرفة، مرجع سابق.

[6] – إبراهيم الجبين، المرجع السابق.

[7] -الانقلاب العسكري السوري 1966، موسوعة المعرفة، http://bit.ly/3zIWul6

[8] – إنقلاب 23 شباط 1966 ،التاريخ السوري المعاصر، https://bit.ly/3ZTJG63

[9] – 23 شباط ١٩٦٦، ذاكرة سوريا- فيسبوك،https:bit.ly/43kBdM7

[10] – إبراهيم الجبين، مرجع سابق.

[11]– اعتقال فهد الشاعر وتسريح الضباط الدروز، أورينت نت، https://bit.ly/3Ms8hvm

[12] – محسن المصطفى، مراكز القوة في جيش النظام 2020 نهج الصفاء العلوّي،  مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، https://bit.ly/419uJh2

[13] – نيقولاوس فان دام، الصراع على السلطة في سوريا، ط2، مكتبة مدبولي،القاهرة، 1995، ص 105.

[14] – محمد عمران ولا يزال اغتيال رجال سوريا مستمرا، صحيفة العرب، https://bit.ly/3UAtPIB

[15] -هكذا اغتيل رئيس الوزراء السوري الأسبق صلاح الدين البيطار في باريس، عنب بلدي، https://bit.ly/3KMM5Lv

[16] – حمود الشوفي، موسوعة المعرفة، https://bit.ly/3zJNKuM

[17] – حفيد شاعر حاول البعثيون قتله وزيراً في حكومة الأسد ،العربية نت، https://rebrand.ly/rpasqzx

[18] – الجيش السوري ترس الأسد الأخير، مركز دراسات الجزيرة، https://bit.ly/40Sim9z

[19] – “بيدهم 80% من الوظائف.. العلويون بسوريا آخر طائفة بالمنطقة تتحكم في بلد هي فيه أقلية”، شبكة الجزيرة، https://bit.ly/41chnR9

[20] – عمر كوش، “العلويون في سورية..كتاب ورحلة من العزلة إلى السلطة”، العربي الجديد، https://rebrand.ly/jw73xsx

[21] – ليندسي غيفورد، ما هي أصول الانقسامات الطائفية السورية وما الذي يُفاعلها الآن؟، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، https://ibit.ly/adYW

[22] – إسلام المنسي،“العلويون في سوريا- انتصار بطعم الهزيمة”، مركز إضاءات، https://ibit.ly/T0Xf

[23] – عبد الحميد صيام،“الدكتور برهان غليون: القرار السوري في يد روسيا بشكل مطلق”، “بوابة القدس العربي”، https://ibit.ly/iz75

[24] – إبراهيم الجبين، لؤي حسين وظاهرة المعارضين العلويين أصحاب الموقف المبدئي، صحيفة العرب، “العدد 9919- السنة 37-  ‏16‏/05‏/2015”.

[25] – عبد الحميد صيام، المرجع السابق.

[26] – السكان في سوريا، Chronicle Fanack.com، https://ibit.ly/L9rA

[27] – “دراسة مفزعة.. من يتحكم بجيش الأسد وما دور العلويين؟”، تلفزيون سوريا، يوتيوب، https://bit.ly/3mlvMvE

[28] – “مصادر روسية: العلويون خسروا 150 ألف قتيل ثمن بقاء الأسد”، الخليج أونلاين، https://ibit.ly/2gZK

[29] – محسن المصطفى، إخوة السلاح، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، https://ibit.ly/TqS6

[30] – محسن المصطفى، “مراكز القوة في جيش النظام2020، نهج الصفاء العلوّي”، مرجع سابق.

[31] – “بالأرقام والصور.. هكذا علون الأسد الجيش السوري وجعله طائفيا بامتياز”، زمان الوصل، https://ibit.ly/3N9E

[32] – أحداث السويداء في أواخر عهد الشيشكلي في مرويات يوسف الدبيسي، التاريخ السوري المعاصر، https://ibit.ly/OvmD

[33] – تهاني نصار، “أديب الشيشكلي بين «الحقيقة المغيّبة» والتاريخ المعروف”، جريدة الأخبار، https://ibit.ly/CfhJ

[34] – السكان في سوريا، مرجع سابق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى