تحرك مياه الإقليم الراكدة
قام وزير الخارجية الروسية لافروف خلال الأيام الماضية بزيارة للمنطقة وتركزت زيارته في منطقة الخليج، وقد كان الملف السوري حاضرا في هذه الزيارة بشكل رئيسي، وقد تعددت التحليلات للبحث في أسباب هذه الزيارة وما حمله لافروف في جعبته، ولعل أغلب التحليلات ذهبت إلى أن لافروف يسعى إلى للعمل على إعادة تعويم الأسد إقليميا من خلال إعادته إلى الجامعة العربية، ولكن على ما يبدو أن ما سمعه لافروف من بعض دول الخليج في هذا السياق سبب مشكلة للافروف، فالسعودية وقطر كانتا واضحتين بأن مسار إعادة سورية لوضعها الطبيعي في الجامعة العربية مرتبط بالسير في مسار الحل السياسي، كما أن الضغط الروسي على هذه الدول لدفعهم لتقديم مساعدات للنظام تحت يافطة المساعدات الإنسانية يصطدم بعقبة قانون قيصر الكأداء، ولعل أبرز تحول هو إطلاق المنصة الثلاثية الجديدة روسيا – تركيا – قطر، والتي كما صرحت تركيا بأنها تأتي كمنصة إضافية لمعالجة الملف السوري والتي ستطلع بأدوار إنسانية، ولكن السؤال: ماذا يمكن لهذه المنصة من أن تقدم في هذا المجال، وخاصة أن كلا من قطر وتركيا توجههما معلن في دعم المناطق المحررة. وبالتالي، فلا يمكن توقع الكثير من المنصة الجديدة، بالنسبة لروسيا. وفي سياق هذه التحركات الإقليمية كان لافتا لقاء وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو مع رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، بالتزامن مع اللقاء الروسي التركي القطري وهو ما يوحي بأن الأمر يتعدى لقاء عابر، وخاصة أن اللقاء تم تسويقه إعلاميا، وتبعه ظهور رياض حجاب على قناة الجزيرة في برنامج سيناريوهات، ورغم أن حديث حجاب على الجزيرة لم يأتي بجديد واضح ولكن تصريحه بأن هناك انفراج في القضية السورية خلال الفترة القادة أعاد الامل لشريحة كبيرة من السوريين ولكن باقي كلام حجاب كان كلاما تقليديا. وعليه، فالتعويل الزائد على هذا اللقاء في غير محله فمن التقي بحجاب هي تركيا حليف الثورة السورية، ولكن هناك نقطة تكلم بها حجاب وهي مربط فرس مهم، وهو الترهل الذي تعاني منه مؤسسات المعارضة السورية، ولعل أبرز ملامح هذا الترهل هو لقاء وزير الخارجية التركي مع حجاب نفسه الذي لا يشغل حاليا أي منصب رسمي في المعارضة ولكنه يحوز رضا عاما من قبل الفئات الشعبية، وهو أمر تم اختباره في الفترة الماضية، فمن حوالي ستة أشهر طرح اسم رياض حجاب في العديد من المبادرات المحلية وقد لقي استحسانا عاما. وعلي صعيد أخر، كان لافتا تواتر الأنباء عن انفراج في العلاقات التركية المصرية والتركية السعودية في الفترة القادمة، إذ يمكن القول إن إقليم الشرق الأوسط شهد نشاطا دبلوماسيا فاعلا خلال الفترة الماضية، وطبعا هذا الحراك تزامن أيضا مع تصعيد من قبل إيران في كل من الساحة العراقية واليمنية، وقد يكون مفتاح النشاط الدبلوماسي في الفترة الماضية وتوقع انفراجات في علاقات بعض الدول مصحوبا بتصعيد ميداني في بعض المناطق لعدم وضوح الدور الأمريكي الجديد، والذي يبدو أنه ليس مهتم بالقضية السورية فقط، بل بكامل الشرق الأوسط. وعليه، باتت دول المنطقة تبحث عن تفاهمات جديدة تسمح لها بإدارة الصراعات الحالية، كما أن بوادر الانفتاح السعودي تجاه تركيا مرتبط أساسا بالورطة السعودية في حرب اليمن، كما أن هناك تخوف لدى دول المنطقة من أي تفاهم أمريكي إيراني.