الردود التركية وتطور بنك الأهداف العسكرية
تعتمد الدول تجهيز ما يسمى “بنك الأهداف” وهي مجموعة المواقع الاستراتيجية للعدو المحتمل، ويتم تفعيل هذا البنك عند الانتقال لاستهداف العدو عسكريا، ومن الطبيعي أن يكون بنك الأهداف يحتوي على مجموعة من الأهداف المصنفة إلى عدة مستويات بشكل متدرج من حيث أهمية هذه المواقع، ويرتبط عدد ومستوى أهمية المواقع المستهدفة بطبيعة الرد العسكري وماهي الغاية منه. وعليه، يمكن تصور بنك الأهداف بأنه يحتوي عدة غرف مرقمة من 1إلى 5 على سبيل المثال، ويتم تفعيل كل غرفة بحسب التهديد المتوقع والغاية المرجوة من العمل العسكري.
من الطبيعي أن يكون لدى تركيا بعد التصعيد الأخير في إدلب والتهديدات التي أطلقتها بنكا جاهزا من الأهداف في سورية مرتبطا باستراتيجيتها العامة في سورية. خاصة، وأن نقاط المراقبة التركية الموجودة في منطقة التصعيد أصبحت تتعرض لتهديدات أمنية كبيرة، بالإضافة إلى اعتبار تركيا أن ما يحدث في إدلب يعتبر تهديدا لأمنها القومي، وقد عبرت تركيا عن موقفها الرافض لما يحدث في إدلب من خلال تصريحات مسؤوليها على كافة المستويات والتي وصلت إلى التهديد باستخدام القوة مع تحديد موعد نهائي لقوات النظام كي تنسحب من المناطق التي اجتاحتها. ويمكن الاستدلال على التدرج التركي في الانتقال بين مستويات غرف بنك الأهداف كما يلي:
المرحلة الأولى: مرحلة الاستهداف المحدود لنقاط المراقبة التركية خلال مرحلة ما قبل الهجوم على خان شيخون وخلاله، وفي هذه المرحلة اعتمدت تركيا بنك أهداف مرتبط أساسا باستراتيجية حماية نقاط المراقبة من خلال الرد على مصادر إطلاق النار وتدميرها. وعليه، يمكن القول إن تركيا قامت بتفعيل الغرفة رقم 1 من بنك الأهداف.
المرحلة الثانية: مرحلة الاستهداف العسكري لنقاط المراقبة القديمة والقواعد العسكرية التركية الجديدة والارتال العسكرية التركية، وهنا لوحظ بأن تركيا انتقلت باتجاه مجموعة أهداف ذات قيمة عسكرية أكبر للنظام. مثل مراكز تواجد قوات النظام وآلياته العسكرية، وحتى بعض المطارات.
المرحلة الثالثة: وهي المرحلة التي تلت المجزرة التي تعرض لها الجنود الاتراك يوم الخميس 27-2-2020 والتي أدت إلى استشهاد 33 عنصرا من الجيش التركي، فبعدها صرحت تركيا بأن جميع الأهداف التابعة للنظام باتت محل استهداف، وهو مؤشر واضح بأننا انتقلنا صعودا باتجاه غرفة جديدة داخل بنك الأهداف.
ويمكن فهم نتائج الهجوم العسكري التركي الأخير في هذا السياق، فقد صرح وزير الدفاع التركي بأن الجيش التركي استطاع تحييد 309 عناصر من قوات النظام السوري وتدمير 5 مروحيات و23 دبابة و23 مدفعية، ومنظومتين للدفاع الجوي طراز SA-17 وSA-22. وهو ما يؤشر لمدى فاعلية بنك الأهداف التركي الموضوع، كما تظهر أيضا مقاطع الفيديو التي تنشرها وزارة الدفاع التركية مدى فاعلية السلاح التركي المستخدم في مواجهة قوات النظام، وخاصة قدرة الطائرات المسيرة على تدمير منظومات الدفاع الجوي التي ينشرها النظام في المنطقة، وعليه، فهذه رسالة واضحة بأن قوات النظام لن تستطيع فعليا الدخول في مواجهة عسكرية حقيقية ضد الأتراك، ولا يمكن حماية هذه القوات من الضربات العسكرية التركية.