التقرير الرصدي من 15 و لغاية 30 كانون الأول 2019
يسعى هذا التقرير إلى رصد أهم المواقف للدول الفاعلة في الشأن السوري على المستوى الإقليمي والدولي من خلال رصد أهم التصريحات الرسمية واللقاءات والاتفاقيات ذات الصلة، مع تقديم رؤية تحليلية تساعد القارئ في تركيب صورة ذهنية مترابطة حول تطورات القضية السورية وماهية أدوار الدول.
الولايات المتحدة:
بعد أن تجاوز التصويت عليه في الكونغرس الأمريكي وصل قانون قيصر إلى مكتب الرئيس ترامب، وفي 21/12/2019 وقع الرئيس الأمريكي عليه، وتزامناً مع توقيع القانون طالبت أمريكا بالوقف الفوري للهجوم على إدلب، وبعد ثلاثة أيام من هذا التاريخ حذر الرئيس الأمريكي نظام الأسد وروسيا وإيران من قتل المدنيين في إدلب، وأضاف أن تركيا تعمل جاهدة من أجل وقف قتل المدنيين في إدلب.
روسيا:
فيما كانت محافظة إدلب ومحيطها تشهد تصعيداً عسكرياً بدعم جوي وبري من روسيا استخدمت روسيا إلى جانب الصين حق النقض(الفيتو) لإحباط مشروع قرار يهدف إلى إدخال المساعدات الإنسانية لسوريا دون إذن النظام، كما صرح وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” أن بلاده ستستمر في بذل الجهود لتسوية الأزمة في سوريا والقضاء على الإرهاب، وبينما كانت المساعي جارية من قِبَل تركيا لإيقاف الهجوم على إدلب، ذكرت مصادر تركية أن روسيا قد أبلغت تركيا بأنها ستحاول وقف الهجمات في إدلب.
وخلال لقائه مع “وليد المعلم” صرح وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف”: روسيا ستبذل قصارى جهدها لمساعدة سوريا في استعادة سيادتها ووحدة أراضيها.
تركيا:
تزامناً مع الحملة العسكرية التي تقودها روسيا على محافظة إدلب صرح وزير الدفاع التركي بأن بلاده اتخذت كافة التدابير اللازمة لتجنب كارثة إنسانية في إدلب شمالي سوريا، فيما صرح وزير الخارجية التركي أن بشار الأسد لا يستطيع توحيد سوريا بعدَ جرائمهُ وموقفنا منهُ واضح. بينما صرح وزير الداخلية التركي أن تركيا لن تتخلى عن اللاجئين السوريين.
أما الرئيس التركي” رجب طيب أردوغان” ومن خلال تصريح له ذكرَ أن عودة السوريين إلى وطنهم بعد تحقيق الاستقرار، وعودة الحياة لطبيعتها هامة بقدر أهمية مكافحة الإرهاب، وذكر في كلمته هذه أن تركيا تفعل كل ما بوسعها مع روسيا لوقف الهجمات في إدلب.
وفي تصريح آخر ذكر الرئيس التركي” رجب طيب أردوغان” أن تركيا أبلغت الاتحاد الأوروبي أن تركيا ليس بوسعها استقبال موجة جديدة من النازحين.
أما بخصوص نقاط المراقبة التركية التي أصبح بعضها ضمن المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، فقد صرح وزير الدفاع التركي بأن تركيا لن تخلي بأي شكل من الأشكال نقاط المراقبة ال 12 التي تقوم بمهامها لضمان وقف إطلاق النار في إدلب، وأنها لن تخرج من هناك.
وأضاف: إن نقاط المراقبة تلكَ لديها التعليمات اللازمة وسترد من دون تردد في حال تعرضها لأي هجوم أو تحرش.
النظام السوري:
تحاول قوات النظام بمساعدة روسيا وإيران الوصول إلى معرة النعمان جنوبي إدلب والسيطرة عليها، إلا أن تلك الحملة يبدو أنها توقفت أو ربما تعثرت نتيجةً لعدة عوامل خارج إرادة النظام السوري.
من جانبه نوه وزير خارجية النظام باستخدام روسيا والصين حق النقض ضد مشروع قرار في مجلس الأمن ينتهك سيادة سوريا على حد تعبير وليد المعلم، كما قال إن سوريا تتعرض لعدوان تركي مستمر ولسرقة نفطها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والتآمر الأمريكي التركي الإسرائيلي مستمر على سوريا لعرقلة جهودها في محاربة الإرهاب.
ومن جانب آخر مازالت الأخبار القادمة من درعا تؤكد على خروج المظاهرات بشكل مستمر كان آخرها، خروج مظاهرة في مدينة طفس تضامناً مع أهالي محافظة إدلب، وفي ريف
دمشق كتابات جديدة مناهضة لنظام الأسد في بلدة شبعا. وفي خبر آخر: القوات الروسية تطرد الفرقة الرابعة من مدينة دوما.
أما بشأن قانون قيصر الذي تم إقراره من قبل الإدارة الأمريكية فخرجت بثينة شعبان تخاطب الإعلام متحدية الولايات المتحدة “لا نخاف قيصركم” وذكرت أن دمشق تعمل ليكون لديها الاكتفاء الذاتي في كل المجالات، وأضافت أن ارتفاع سعر صرف الدولار في سوريا ليس له علاقة بقانون قيصر، وأن هذا مرتبط بالمضاربات المصرفية فقط.
وأخيراً يبدو أن رأس النظام أصبح مواظباً على إجراء اللقاءات والمقابلات الإعلامية، وكانت هذه المرة مع قناة “فينيكس الصينية”، حيث تحدث عن إعادة الإعمار بشكل رئيسي دون أن ينسى توزيع الاتهامات في كل الاتجاهات والحديث عن المؤامرة الكونية التي تتعرض لها سوريا، وعن جهوده في مكافحة الإرهاب الذي يتلقى الدعم من الغرب حسب ادعاءاته.
رؤية تحليلية:
من خلال متابعة تطورات الأحداث خلال الفترة الماضية يمكن ذكر ما يلي:
- يبدو أن ارتفاع أسعار صرف الدولار السابق حتى إقرار قانون قيصر كانت نتيجة حتمية لجهة اعتمادية القانون.
- يمكن النظر إلى التصعيد في إدلب على أنه محاولة من الروس والنظام لزيادة الضغط على أمريكا لإضعاف تداعيات قانون قيصر من خلال زيادة المساحة التي يسيطر عليها النظام وجعل التعامل مع النظام كأمر واقع.
- يبدو أن هناك حالة من اختلاف الرؤى بشكل واضح ما بين الروس والأتراك في التعامل مع ملف إدلب وهو ما قد يفسر حالة عدم الوصول إلى هدوء في المنطقة.
- إن مسار الحل السياسي من خلال اللجنة الدستورية تم تعطيله من قبل النظام ونتيجة الخلافات بين الدول الفاعلة.
وعليه يبدو أن المرحلة الحالية هي مرحلة تجذر للاختلاف في سورية وسعي كل طرف للمحافظة على أوراقه الحالية او إنتاج أوراق مساومة جديدة مما قد يفسح المجال أمام تصعيد الأحداث في المرحلة القادمة ريثما يتم التوصل لاتفاق جديد، وقد تبدو أبرز الملامح:
- إعادة تنشيط مسار اللجنة الدستورية من خلال تفويضها الأممي السابق، أو بالبحث عن تفويض اممي جديد.
- التوصل لاتفاق روسي-تركي جديد حول ملف الشمال الغربي، وإلا سيكون البديل استئناف المعارك حتى يستطيع أحد الطرفين فرض ارادته.
- تطبيق قانون قيصر ودفع الروس لتفعيل المسار السياسي بشكل جدي