التقارير الرصدية في عام 2019

التقرير الرصدي من 1 ولغاية 15 تشرين الثاني 2019

يسعى هذا التقرير الى رصد أهم المواقف الدول الفاعلة في الشأن السوري على المستويين الإقليمي والدولي من خلال رصد أهم التصريحات الرسمية واللقاءات والاتفاقيات ذات الصلة، مع تقديم رؤية تحليلية تساعد القار على تركيب صورة ذهنية مترابطة حول تطورات القضية السورية وماهية أدوار الدول.

الولايات المتحدة الأمريكية :

ربما يختصر تصريح وزير الدفاع الأمريكي أهم المواقف الأمريكية في هذه الفترة حيث قال: أنقرة | انزلقت خارج التاتو ونريد عودتها، فبعد الاضطراب الذي حصل نتيجة الصراع داخل الإدارة الأمريكية، وبعد نجاح بعض القوى في المؤسسات الأمريكية بجعل الرئيس ترامب يعدل من موقفه حيال عملية نبع السلام وحيال قرار الانسحاب الأمريكي الكامل من سوريا، يبدو أن الإدارة الأمريكية تحاول التوفيق بين موقفها الجديد (التراجع عن فكرة الانسحاب الكامل، وعن الاستمرار في دعم عملية نبع السلام) وبين إرضاء حليفها الاستراتيجي: تركيا، وبدأت تصدر بعض التصريحات التي تشير إلى قرب انفراجة في العلاقات المتوترة بين كل من واشنطن وأنقرة.

في السادس من تشرين الأول صرح الرئيس الأمريكي أنه أجرى محادثة مع الرئيس أردوغان وأنه ينتظر لقاءه في البيت الأبيض في 13 تشرين الثاني، وقبيل اللقاء صرح الرئيس الأمريكي أنه سيناقش مع الرئيس أردوغان ملف منظومة إس 400، وكذلك ملفات تجارية ومكافحة تنظيم الدولة .

وعقب لقائه بالرئيس التركي صرح الرئيس ترامب، أنه والرئيس أردوغان صديقان، وأنه يتفهم مشاكل تركيا، كما أضاف نسعى لتوسيع تبادلنا التجاري مع تركيا، وإلى مضاعفة التبادل التجاري من 20 إلى 100 ألف دولار، تركيا كانت متعاونة جدا وكانت تعلم أننا سندخل إلى مناطق محدودة | في حربنا ضد تنظيم الدولة، وأضاف أنه يجب على دول أوربا أن تشارك في تحمل أعباء استضافة اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم تركيا .

تركيا :

في بداية الشهر صرح وزير الخارجية التركي بأن تركيا أحبطت مخططا لميليشيات الحماية بإقامة دولة بدعم من فرنسا وإسرائيل، وبعد يومين من ذلك تحدث الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قائلا: هناك حملات تستهدف تركيا بعد انطلاق عملية نبع السلام شمال شرق سوريا. وصرح الرئيس أردوغان أن تركيا طورت طائرات مقاتلة بعد رفض واشنطن تسليم تركيا مقاتلات إف 35، وفي السابع من تشرين الثاني صرح الرئيس التركي أن تركيا نجحت في تحقيق أهداف عملية نبع السلام في ساحة المعركة ومن خلال الحوار، ثم ذكر أن الذين وعدوا تركيا بانسحاب منظمات ي ب ك ، ب ي دبك ك من شمال سوريا خلال 120 ساعة لم ينفذوا وعدهم، وقال إننا اتفقنا مع واشنطن وموسكو على انسحاب قسد إلى 120 كم عن الحدود، وأن أمريكا وروسيا لم تفيا بتعهداتهما.

وقبيل لقائه بالرئيس الأمريكي بيوم واحد، صرح الرئيس أردوغان بأن الولايات المتحدة وروسيا لم تتمكنا من تطهير الشمال السوري من الإرهابيين .

وعقب لقائه بالرئيس الأمريكي صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: كان اجتماعنا مع الرئيس | ترامب مثمرا وساهم في تعزيز علاقاتنا المبنية على جذور عميقة، نحن ملتزمون مع الولايات المتحدة من أجل إيجاد حل مستدام للأزمة السورية، وتركيا هي أكثر من حارب تنظيم الدولة، ويجب أن يعود المقاتلون الأجانب إلى دولهم، وأضاف يمكننا أعادة نحو ملوني اجمأسوري إلى ديارهم في الرقة ودير الزور شمال سوريا .

أما بالنسبة لقضية الصواريخ الروسية إس 400، فقد قال الرئيس التركي: بإمكان أنقرة وواشنطن التغلب على التحديات الخاصة بصفقة إس 400 والمقاتلات إف 35 عبر الحوار .

روسيا :

في الثالث من شهر تشرين الثاني صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف؛ أنه تم سحب التشكيلات الكردية حتى عمق 30 كم عن الحزام الحدودي شمالي شرقي سوريا، وهو الأمر الذي نفته تركيا في اليوم الثاني. وفي تصريح آخر قال لافروف: التعامل على المدى البعيد مع بلد يبدي تصرفات متناقضة بخصوص تحسين الوضع في سوريا وتحقيق وحدة أراضيها لن يكون بناء.

ويبدو أن روسيا كانت تمني النفس بانسحاب أمريكي كامل من الأراضي السورية، وبالتالي استيلاء النظام السوري على آبار النفط، إلا أن القرار الأمريكي بالاحتفاظ بقوة أمريكية على الأراضي السورية لحماية آبار النفط ومنع النظام وحلفائه من السيطرة عليها؛ جعل روسيا تستنكر هذا القرار وتعرب عن رفضها له.

سوريا :

تحدثت وسائل الإعلام عن خروج مظاهرات مطالبة بإسقاط النظام منطلقة من المناطق التي كانت قد أجرت تسويات مع الروس مؤخرا، وخاصة مناطق درعا ، كما حصلت أكثر من مظاهرة ف مناطق سيطرة قسد رافضة دخول قوات النظام إلى تلك المناطق، كما شهدت كلا من درعا والغوطة الشرقية حوادث عسكرية استهدفت قوات النظام كاستهداف حواجز واغتيالات.

وتخلل الفترة الممتدة من 11/1 حتى 15/11 ظهور رأس النظام عبر وسائل الإعلام في مرتين متتاليتين، كانت الأول عبر الإخبارية السورية وأهم ما جاء فيها: ((أن الاتفاق الروسي في سوتشي لطرد الأكراد من منطقة آمنة يساعد الجيش السوري على استعادة السيطرة على | الشمال الشرقي، وأشار إلى أن دخول الجيش السوري إلى المناطق التي تسيطر عليها قسد يعني دخول الدولة بكل مؤسساتها، وأنه بكل تأكيد ستعود سلطة الدولة كاملة تدريجيا،
كما شدد على أنه سيتم التعامل مع من وصفهم بالإرهابيين في إدلب بنفس الطريقة السابقة إما العودة إلى حضن الوطن وتسوية أوضاعهم، أو الحرب“

وحول تشكيل اللجنة الدستورية قال: ((كانت الأطراف الأخرى تعتقد أننا سنرفض تشكيلها وكانوا يضعون العقبات لنا وكنا نقدم التنازلات عن الأمور الشكلية؛ لذلك شنوا هجوما عليها، وقال إن السيادة السورية تعبر عنها الدولة السورية فقط، والانتخابات التي ستجري ستكون من الألف إلى الياء تحت إشراف الدولة إذا كانوا هم يعتقدون أنهم سيعودون إلى زمن “الانتداب عبر اللجنة الدستورية؛ نقول لهم هذا في أحلامكم“
أما في لقائه الآخر مع وكالة سبوتنيك وقناة روسيا 24 الروسيتين ذكر أنه يقيم بشكل إيجابي الوضع الجاري في الشمال الشرقي للجمهورية العربية السورية , ليس انطلاقا من الثقة بالطرف التركي؛ وإنما بسبب دخول روسيا على الموضوع، وذكر أن ” الوجود الأمريكي في سوريا سيولد مقاومة، وبالتالي ستضطر أمريكا للانسحاب “

اللجنة الدستورية :

اعتبارا من 1/11/2019 صرح المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي لحلب اليوم أن اجتماعات اللجنة الدستورية المغلقة انتهت، وتم الاتفاق على الأسماء ال 45 للجنة الدستورية المصغرة وأنها ستبدأ عملها يوم الإثنين القادم، وبالفعل بدأت اللجنة الدستورية المصغرة | عملها يوم الإثنين 4/11/2019، وتواردت أنباء عن تعليق أعمال الجلسة بسبب إصرار وفد النظام على أن يكون عمل اللجنة لمدة ساعتين فقط بدل الثماني ساعات المقررة، وبعد أن تم التوصل إلى صيغة توافقية تم استئناف أعمال اللجنة

وفي حديث له ذكر يحيى العريضي أنه من ضمن الأفكار التي طرحت في الجلسات الافتتاحية وقد تتحول إلى مبادم دستورية: دستور ليس فيه تمركز للسلطة بيد شخص -دستور يحفظ | الحريات ويضمنها، وأفكار أخرى.

أما المبعوث الأممي إلى سوريا السيد بيدرسون، فقد اعتبر أن الجولة الأولى من اجتماع اللجنة الدستورية كانت أفضل مما توقع البعض. ومن جانبه صرح هادي البحرة أنه في الاجتماع القادم سيتم البناء على ما تم التوصل إليه خلال الجولة الأولى من المفاوضات.

رؤية تحليلية :

من خلال استعراض المواقف الدولية والداخلية فيبدو أن كلا من أمريكا وتركيا تسعيان الى تعزيز مسار التفاهم الجديد بينهما والذي أنتج التوافق حول عملية نبع السلام ، ولكن يظهر من خلال التصريحات الأمريكية التركية علبة الخطاب الدبلوماسي مما قد يشير الى عدم الوصول إلى تفاهمات جديدة بينهما تجاه القضية السورية وقد يكون الأفق الحالي محصورا فيا عملية المحافظة على التوافق السابق، وهو ما قد يفسح المجال أمام خطوات روسية تصعيدية الزيادة الضغط على تركيا لمنعها من زيادة انفتاحها تجاه الأمريكيين بما يختص بالقضية السورية .

ومن خلال تصريحات بشار الأسد يبدو أنه يسير في نفس السياق الهادف الى ترسيخ رواية النظام وقد يقول البعض بأنه منفصل عن الواقع , إلا أن التعبير الأدق أنه كان يكذب بطريقة تفوق الوقاحة بدرجات كثيرة، بهدف إعطاء روايته سند لوجودها ،فقد أنكر وجود التعذيب في معتقلاته كما أنكر قصف المدنيين، وادعى أن عناصر الدفاع المدني هم أعضاء في تنظيم القاعدة وأنهم كانوا يفبركون الصور والأحداث بطرق تمثيلية، وادعى أن قواته لم تقصف المستشفيات، كما | أنها لم تستخدم الأسلحة الكيماوية أبدا، وأضاف أن كل ما يذكر من خروقات وجرائم ضد الإنسانية هي من صناعة آلة الإعلام الغربية .

وبما يخص اللجنة الدستورية فقد نجحت اللجنة في تجاوز المرحلة الأولى دون الوصول لمرحلة | انهيار المحادثات بين الأطراف المشاركة وهو ما يشير إلى وجود توافق بين رعاة العملية وهم الروس والأتراك، وعليه سترتبط سرعة مسار العملية وما ستنتجه في النهاية بمقدار هذا التوافق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى