مستقبل الجامعات في المناطق المحررة (3)
لكل مجتهد نصيب. استطاعت وزارة التربية والتعليم من خلال جهود مشكورة التوصل إلى اتفاق بين جامعتي حلب في المناطق المحررة وجامعة ماردين أحدث خرقا مهما في موضوع الاعتراف، ودفع طلاب جامعة حلب إلى الاحتفاء بهذا الإنجاز وتوجيه بطاقات الشكر والثناء لوزيرة التربية والتعليم العالي صاحبة الجهد الأكبر في هذا الإنجاز. مركز نما للأبحاث المعاصرة التقى الدكتورة هدى العبسي الحاصلة على شهادة الدكتوراه من جامعة دمشق، والتي تشغل الآن منصب وزيرة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة بعد أن كانت عضو هيئة تدريسية في جامعة حلب، وجاء الحوار على الشكل التالي:
السؤال الأول: ماذا يمكن للسيدة الوزيرة أن تحدثنا عن أعمالها خلال فترة توليها لوزارة التربية والتعليم العالي؟
كلفت بهذه المهمة. أي، وزيرة للتربية والتعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة منذ العام 2019 شهر أيلول، تشتمل أعمال الوزارة على التربية والتعليم العالي، فعلى نطاق التربية عملنا على موضوع شهادة الثانوية، فكثير من الطلاب كانوا يعتقدون أن الشهادة الثانوية الممنوحة من قبل الحكومة المؤقتة غير معترف بها. من أجل معالجة هذا اللبس قامت الوزارة بالتواصل مع الكثير من الطلبة في بلدان المهجر وخاصة في الدول الأوربية: ألمانيا، فرنسا، وحصلنا على نسخ من تعديلاتهم فظهر بوضوح أن شهادة الحكومة المؤقتة مقبولة في أغلب الدول الأوربية وفي كندا وغيرها، وأن هذه الشهادات تُعدل في هذه الدول مثلها مثل بقية الشهادات. لذلك قمنا من خلال صفحات الوزارة ومعرفاتها بنشر هذه المعلومات لكي نوجه رسالة لطلابنا تدعو إلى الاطمئنان والثقة بالشهادة التي حصلوا، أو سوف يحصلون عليها، فهي شهادة قوية ومعترف بها وتمكن الطالب من متابعة دراسته في كل أنحاء العالم. وفي بعض البلدان تعتبر شهادة الحكومة المؤقتة أقوى من شهادة النظام، ففي تركيا مثلا: لا تقبل الشهادات الصادرة عن النظام السوري إلى أن يتم تصديقها من قبل مكتب الحكومة المؤقتة. ونعتقد أن ذلك ترك أثرا طيبا لدى الطلبة، فكانت الامتحانات لدورة 2020 ناجحة، وبلغ عدد الطلاب المتقدمين لامتحانات الإعدادية والثانوية حوالي 25000 ألف طالب، وزادت نسبة النجاح عن 65%، ونعتقد أن أهم ما قامت به الوزارة في مجال التعليم ما قبل الجامعي: هو معالجة بعض المخاوف التي كانت تساور بعض الطلبة وذويهم عن طريق جمع المعلومات، ونشر ما توصلنا إليه من معلومات تبدد المخاوف عن طريق حملة إعلامية مركزة. كما قامت الوزارة بتكريم المتفوقين بامتحانات الثانوية العامة.
أما على مستوى التعليم العالي، فمنذ البداية بدأنا العمل من أجل الاعتراف بشهادة جامعة حلب ومن ثم اعتماد شهادتها لدى الجامعات في البلدان الأخرى، وشكلت الوزارة فريقا من المتطوعين من السوريين أصحاب القضية، أصحاب الانتماء الذين عرضوا خدماتهم على الوزارة من أجل الحصول على اعتراف لجامعة حلب، وأخص بالذكر الدكتور عبد الرؤوف الشيخ وهو دكتور محاضر في جامعات بريطانية، وأحب من خلال هذه المناسبة أن أتوجه إليه بالشكر، وأيضا المهندس حسن أبو قسرة والذي كانت مهمته التواصل مع الجامعات التركية، بينما الدكتور عبد الرؤف يتواصل مع الجامعات البريطانية. والحمد لله كلل هذا التواصل بالنجاح، وكما تعلمون وقعت الوزارة وجامعة حلب في المناطق المحررة مؤخرا اتفاقية مع جامعة ماردين مدتها عشر سنوات، وأهم بنودها أن يكون هناك تبادل طلابي في المراحل الأولى للدراسة الجامعية، وتبادل الخبرات على الصعيد الأكاديمي، ومراكز بحثية مشتركة، وكذلك الأمر بخصوص الدراسات العليا فقد أصبح بإمكان طلاب جامعة حلب إكمال دراستهم في الماجستير والدكتوراه في جامعة ماردين، ومن البنود المهمة في الاتفاق أن جامعة ماردين تعهدت بأن توفر الكوادر من أجل افتتاح قسم لغة تركية في جامعة حلب.
السؤال الثاني: يلاحظ أن الاتفاقية خاصة بجامعة حلب رغم وجود أكثر من جامعة في المنطقة، فهل يعود الأمر لأن جامعة حلب هي الوحيدة التي تعمل تحت مظلة الحكومة السورية المؤقتة أم هناك اعتبارات أخرى؟
نعم، في الحقيقة لدينا جامعات أخرى ولها أهميتها، ولكنها تحتاج لبعض الأمور التي هي بحاجة لتسوية ومن ثم الانضمام إلى مجلس التعليم العالي، وعندما تصبح هذه الجامعات تحت لواء مجلس التعليم العالي تعمم هذه الاتفاقية وتصبح سارية المفعول على باقي الجامعات.
السؤال الثالث: من خلال الأعمال التي قامت بها الوزارة، وخاصة الاتفاقية التي وُقعت مع جامعة ماردين يبدو أن الطلبة راضون عن أداء الوزارة ممثلة بشخصكم، ولُوحظ هذا من خلال بطاقات الشكر التي وجهت لكم من قبل الطلبة. لذلك، يمكن أن تكون السيدة الوزيرة في موقع يؤهلها لتوجيه النصائح للطلبة، فبماذا تنصحينهم، وما هي رسالتك لهم؟
أحب أن أقول لأبنائنا الطلبة: اهتموا بدراستكم، وتابعوا مسيرتكم العلمية، فالمستقبل لكم، وسوريا الحرة أنتم من سيصنعها، وأنتم من سيكتب التاريخ، لأنكم أنتم الذين صمدوا واختروا الدراسة في جامعات المناطق المحررة، وما فعلناه من أجلكم هو أقل من واجبنا.
السؤال الرابع: ما زال التعليم العالي رغم الجهود المبذولة يعمل في ظروف صعبة، فهل أنت راضية عن مستوى التعليم العالي في جامعات المحرر، وكيف تنظرون إلى مستقبل هذه الجامعات؟
في الواقع، تعتمد الجامعة على ركنين أساسيين هما: الطالب والأكاديمي. لذلك، من أهم أسباب النجاح هو البحث عن الأكاديمي الكفء، كما يجب التأكد من صحة الشهادة التي يحملها الأكاديمي لكي نضمن سلامة هذا الركن، لأنه فيما لو تبين مستقبلا وجود بعض الشهادات المزورة ففي ذلك إساءة للعملية التعليمية بشكل عام، وتأثير سلبي على مصداقية الجامعة. أما بالنسبة للطالب، فيجب البحث عن آلية لاختيار الطالب للفرع الذي يرغب به، ونعتقد أن الاهتمام بالطالب والأكاديمي هو الوسيلة الأكثر نجاعة من أجل أن ننتصر ونبني من جديد سوريا الحرة المزدهرة التي نحلم بها.
وبالنسبة لمستقبل هذه الجامعات، فالحمد لله لدينا الجامعات، ولدينا الأكاديميين. لذلك، هذه الجامعات سوف تعمل وتستمر برفد المجتمع بالكوادر البشرية المؤهلة.
السؤال الأخير: هذا السؤال سبق أن كررناه على رئيسي جامعتي حلب في المناطق المحررة والشام العالمية، بسبب الاختلاف بطبيعة سوق العمل بين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري والمناطق المحررة هل سعيتم لتوجيه الجامعات بتعديلات في المناهج الدراسية تتناسب وطبيعة هذا الاختلاف؟
لا شك أن الاختصاص الذي تفتتحه الجامعة يجب أن يخدم حاجة المجتمع، ولكن هذه المرحلة مؤقتة ولا يمكننا بناء القوانين استنادا لمعطياتها، وأنا أسميها مرحلة انتقالية، وفي مثل هكذا مرحلة لا يمكن أن نبني عليها سياسة دائمة، كل ما يمكن فعله هو سياسة قصيرة المدى. وبهذا الخصوص أنا أحب أن أوجه رسالة إلى الطلبة أنه في كل دول العالم يتم البحث عمن لديه قدرات أكثر، فالطالب عليه أن يطور قدراته ويهتم باكتساب المهارة وتعلم اللغات ومهارات الحاسب، فنحن لا نريده كما كان سابقا أيام النظام حيث يُكتفى بعرض شهادة كرتونية لكي يحصل على وظيفة.