التقارير الرصدية في عام 2020

التقرير الرصدي للفترة الواقعة بين 1 – 15 مارس / 2020 .

يسعى هذا التقرير إلى رصد أهم المواقف للدول الفاعلة في الشأن السوري على المستوى الإقليمي والدولي من خلال رصد أهم التصريحات الرسمية واللقاءات والاتفاقيات ذات الصلة، مع تقديم رؤية تحليلية تساعد القارئ في تركيب صورة ذهنية مترابطة حول تطورات القضية السورية وماهية أدوار الدول.

تركيا:

حتى الخامس من آذار الجاري كانت عملية “درع الربيع” مستمرة، وهو نفس موعد القمة التي كانت مقررة في موسكو بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، والتي تمخضت عن إعلان لوقف إطلاق النار اعتبارا من نهاية نفس اليوم، وكان المؤتمر الصحفي الذي أعقب ذلك اللقاء والذي ضم مجموعة من المسؤولين من البلدين إلى جانب الرؤساء مقتضبا، وأبرز ما ذكر فيه أنه تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بالإضافة إلى ما ذكره وزيرا خارجية البلدين عن دوريات تركية روسية ستنطلق في 15 آذار الجاري على امتداد الطريق البري “M4” بين منطقتي ترنبة غرب سراقب، وعين الحور بريف إدلب الغربي، والحديث عن ممر أمني بعمق 6كم عن الطريق المذكور من كل جهة.

في اليوم التالي ذكر “فؤاد أوقطاي” نائب الرئيس التركي أن التفاهم الملحق الذي تم التوصل إليه أمس في موسكو يعيد إحياء مساري “أستانا وسوتشي”، فيما ذكر الرئيس التركي أن الاتفاق التركي الروسي ليس عقبة في طريق دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي لتركيا، وينبغي اتخاذ خطوات لبناء الثقة، مثل نشر نظام الدفاع الجوي وتبادل المعلومات الاستخبارية، وأضاف في كلمته، “نهدف إلى إنهاء الحرب الداخلية وتفعيل المسار السياسي في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254، ونقاط المراقبة التركية ستحافظ على وضعها الراهن ولا يوجد أي تغيير بهذا الخصوص حاليا”.

وفي اليوم السابع من آذار أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن وفدا عسكريا روسيا سيصل أنقرة مطلع الأسبوع المقبل، وفيما ذكرت عدة تصريحات أن الاتفاق التركي الروسي مؤقت، ذكر وزير الدفاع التركي أن تركيا وروسيا تسعيان لجعل وقف إطلاق النار دائم.وبالفعل، بعد سلسلة من اللقاءات بين لجان عسكرية تركية وروسية أعلن وزير الدفاع التركي أنه تم التوقيع على نص الاتفاق مع الوفد الروسي في أنقرة ودخل حيز التنفيذ، وستنفذ أولى خطواته من خلال تنظيم دورية مشتركة على الطريق “m4” في 15 آذار الحالي، وستساهم تلك الدوريات بشكل كبير في ترسيخ دائم لوقف إطلاق النار في إدلب، وذكر أن الاتفاق لا يتضمن نشر نقاط مراقبة روسية جنوبي طريق “M4″، وإنما فقط تسيير دوريات مشتركة. وفي 15 اذار تم تسيير أول دورية مشتركة بين تركيا وروسيا على الطريق M4″ ” ولكن تم اختصار المسار فقط ما بين سراقب والنيرب.

روسيا:

من خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب قمة موسكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: لدينا اختلاف في وجهات النظر مع تركيا إلا أننا نجحنا اليوم أيضا في التوصل إلى اتفاق بخصوص إدلب، وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار في إدلب.

في اليوم التالي ذكر الكرملين أن بوتين أبلغ بشار الأسد هاتفيا بأن الاتفاق الروسي التركي سيؤدي إلى استقرار الوضع في إدلب، كما أعلن الكرملين في الثاني عشر من الشهر الجاري أن بوتين وأردوغان بحثا هاتفيا تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال قمتهما في موسكو، وفي اليوم التالي أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الدوريات المشتركة الروسية التركية على طريق “M4” في سوريا ستبدأ اعتبارا من يوم الأحد 15 آذار الجاري.

الولايات المتحدة الأمريكية:

عقب قمة موسكو مباشرة قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، “رحبنا بعملية وقف إطلاق النار في إدلب إذا التزمت روسيا”، بينما ذكر وزير الخارجية الأمريكي أن الولايات المتحدة تطالب بالعودة لحدود اتفاق سوتشي في إدلب والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وفي اليوم التالي رفضت الولايات المتحدة مع عدة دول أوربية بيانا أمميا يدعم اتفاق موسكو حول إدلب لعدم وضوحه حسب بعض التفسيرات.

النظام السوري:

تزامنا مع قمة موسكو ومن خلال لقاء متلفز مع القناة الروسية ” RT” تحدث رأس النظام على أن سوريا لم تقم بأي عمل عدائي ضد تركيا، لكن المشكلة مع الرئيس التركي . وتطرق من خلال حديثه إلى القضية الكردية وذكر أنه ليس هناك شيئا اسمه القضية الكردية، بل هناك مشكلة مع المطالبين بالانفصال، وذكر أنه لا يمكن التوصل إلى نتائج أي حوار مع المجموعات الكردية قبل أن يحددوا موقفهم تجاه الاحتلال الأمريكي.

أما فيما يخص قمة موسكو فقد تحدثت بثينة شعبان في الحادي عشر من الشهر. أي، بعد حوالي أسبوع على اتفاق موسكو، وذكرت أن هذا الاتفاق ينص على تحرير مناطق إضافية مثل أريحا وجسر الشغور، وذكرت أن الاتفاق لا يشمل بنودا سرية، وأضافت باتجاه آخر، أن معركة شرق الفرات توازي معركة إدلب بالصعوبة والتعقيد وتحتاج لوقت وسنخرج القوات الأمريكية من سوريا.

رؤية تحليلية:

يمكن القول إن تطورات الأحداث خلال هذه الفترة سارت وفق مسارين:

المسار الأول: صيغة لا غالب ولا مغلوب

حيث بني الاتفاق التركي الروسي الأخير وفق هذه الصيغة، فكلا الطرفين أثبتا جدية لجهة مطالبهم، وخاصة من الجانب التركي الذي وضع زخما عسكريا كبيرا لتحقيق رؤيته في إدلب، سواء بإدخال حجم كبير من القوات العسكرية إلى إدلب، أو الاستخدام القوي للطائرات دون طيار “بيرقدار”، كما أن الروس أظهروا أيضا أنهم مستعدون لزيادة حدة الصراع من خلال توجيه ضربات للجيش التركي والتي أدت لاستشهاد 33 عنصرا من الجيش التركي  بتاريخ 27 شباط، ووفقا لذلك يمكن القول إن هذا الاتفاق أتى بعد جولة كسر عظم، لذلك فرص تجاوزه أو هدمه قليلة، مما سيفتح المجال واسعا لترسيخه والبناء عليه مستقبلا، وبذلك يمكن القول إن مقولة لا حلا في سورية الا الحل السياسي باتت أمرا واقعا، وهو ما سيثبت بأن النظام لن يقبل بهذا الاتفاق على أنه اتفاق دائم وسيسعى إلى إفشاله.

المسار الثاني: لا شرعية إلا لمسار جنيف أظهرت مواقف الولايات المتحدة والدول الأوروبية أن هذه الدول مازالت مصرة على حصر مسار الحل السياسي في سورية في مسار جنيف، وأن مسار أستانة وسوتشي يمكن القبول به فقط في إطار تخفيض حدة الصراع والوصول لوقف إطلاق نار، أي في إطار المسار المساعد لمسار جنيف ولا يمكن شرعتنه دوليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى