مقالات

رسالة من جامعات المحرر لجامعة طرطوس

انتشرت في الفترة الأخيرة صورة لإحدى القاعات الامتحانية في جامعة طرطوس على مواقع التواصل تظهر سوء حالة القاعة الدراسية، وقد تلقف البعض من مؤيدي النظام هذه الصورة للتعليق على سوء الوضع  الخدمي الذي يعاني منه التعليم في مناطق سيطرة النظام، وخاصة أن طرطوس تعتبر من المحافظات الأكثر تخديما من قبل النظام بناء على عامل ضمان ولائها السياسي وكثرة المسؤولين في مؤسسات الدولة المنحدرين من هذه المحافظة،  وعلى الضفة المقابلة؛ قام بعض الناشطين بالتقاف هذه الصورة ومقارنتها بصورة لقاعات امتحانية للجامعات العاملة في المناطق المحررة لإظهار الفرق في مستوى الخدمات حيث ظهر ذلك جليا من خلال المقارنة بين الصورتين، ولعل من قام بتصميم الصورة التي تجمع بين الجامعتين كان هدفه الأساسي القول بأننا ما زلنا مستمرين وجامعاتنا افضل من جامعاتكم، ونحن قادرون على البناء وهدفنا الانسان، بينما النظام هدفه السلطة وليس الإنسان، وكل ذلك صحيح. ولكن، الأهم من كل ذلك هو البحث عميقا في مدلول الصورة؛ فهي تضرب بالصميم استراتيجية عمل النظام عليها طويلا في التعامل مع الشريحة المؤيدة وحتى الحيادية في المجتمع السوري، هذه الاستراتيجية ومنذ عام 2011 قوامها أن مناطقه أفضل من مناطق معارضيه فالخبز ب 15 ليرة والجامعات معترف بها والبنزين والمازوت مدعوم والوظائف العامة قائمة والنظام ملتزم بدفع الرواتب بشكل دائم دون انقطاع، واي أزمات اقتصادية ستعصف به هي مرحلية ريثما يتم حسم المعركة عسكريا فحينها “سيحج” الجميع لطلب التفاوض مع النظام والتعامل معه للتخفيف من انعكاسات الصراع السوري على هذه الدول ومنها معالجة الأزمة الإنسانية والتي تقع في صلبها مشكلة اللاجئين، ولكن، تجري الرياح بما لا تشتهي سفينة النظام، فالنظام عول على الحسم العسكري لتحقيق رؤيته ولكن التدخل التركي في الشمال الغربي والتدخل الأمريكي في الشمال الشرقي منع النظام من تحقيق غايته تلك. وعليه، بات النظام مضطرا لمواجهة أزماته الداخلية بعيدا عن التعويل على أن الغد سيحمل معه مفاتيح الحل لمشاكله الاقتصادية، ومع هدوء الجبهات العسكرية بات الاستثمار في النواحي الخدمية لتحسين الظروف الحياتية للأفراد يشكل العامل الضروري في أجندات مؤسسات الثورة في المناطق المحررة، وقد تزامن ذلك مع دور تركي ملحوظ في تنظيم هذا الجانب، والذي انعكس تحسنا ملحوظا على  مستوى الخدمات وخاصة في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، فباتت خدمة الكهرباء متوفرة في العديد من المدن الرئيسية، بل يمكن القول إن خدمة الكهرباء في مدينة كإعزاز تعتبر الأفضل على مستوى سورية لجهة ساعات التشغيل اليومية، وحتى معضلة الاعتراف بالجامعات في المناطق المحررة باتت على سكة الحل بعد قبول العديد من خريجي الجامعات في المناطق المحررة في الدراسات العليا في تركيا وبعد الجهد الذي قامت به جامعة حلب الحرة في توقيع بروتكول تعاون مع جامعة ماردين يمكن أن يبني خطوات إضافية في ملف الاعتراف في التعليم العالي. وعليه، فالصورة التي  انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل في طياتها ضربة مهمة وحقيقية لرواية النظام، فالمناطق المحررة ستبقي تعاني من مشاكل اقتصادية وخدمية وإنسانية، ولكنها  لن تكون أكثر سوءا من مناطق النظام، بل بالعكس، وخاصة مع زيادة الدور للراعي التركي في المنطقة، فنحن هنا نتكلم عن دولة تعتبر من الدول المتقدمة في العالم ولديها تجربتها الإدارية والخدمية والتعليمية والاقتصادية القادرة على النهوض بمنطقة مثل المناطق المحررة في الشمال الغربي في سورية، وما انتشر لصورة المقارنة بين الجامعات ستتكرر مشاهده لاحقا في مقارنات أخرى وفي مجلات متعددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى